في الآونة الأخيرة، تصاعدت حدة الهجمات الإعلامية التي استهدفت دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال منصات إعلامية جزائرية، ما أثار تساؤلات عديدة حول الدوافع والخلفيات، خاصة في ظل تقارير غير رسمية تشير إلى دور قطري في تحريك هذه الحملات ضمن سياق تنافس إقليمي حاد.
بحسب مصادر مطلعة، تقوم قطر بتمويل عدد من القنوات والمواقع الإلكترونية والصحف من خلال أدواتها الإعلامية المنتشرة في العالم العربي، بإشراف مباشر من مستشارين مقربين من القيادة القطرية، أبرزهم المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، الذي يدير شبكة إعلامية واسعة النطاق. تشير التقديرات إلى أن قطر تنفق سنويًا أكثر من مليار دولار على أدواتها الإعلامية، بهدف التأثير في الرأي العام الإقليمي وتوجيه الرسائل السياسية.
لماذا الإمارات؟
تأتي الحملة الأخيرة في ظل دور إماراتي متصاعد في مشاريع استراتيجية كبرى، منها مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري – المغربي الذي يمر بعدة دول أفريقية ليصل إلى أوروبا. ويُنظر إلى هذا المشروع باعتباره منافسًا مباشرًا لمصالح الجزائر وقطر في تصدير الغاز إلى أوروبا، مما قد يفسّر أحد دوافع التصعيد الإعلامي.
ما الذي حدث؟
الشرارة انطلقت بعد استضافة قناة “سكاي نيوز عربية” للصحفية الجزائرية فضيلة مختاري، التي ناقشت مع أحد الضيوف الجزائريين الخلفيات التاريخية للعلاقات الجزائرية الفرنسية، مما اعتبرته وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية إساءة مباشرة. ورد التلفزيون الجزائري الرسمي بتقرير شديد اللهجة، استخدم فيه مصطلحات حادة ضد الإمارات.
الرد الرسمي الجزائري، الذي حمل طابعًا دعائيًا أكثر منه تحليليًا، أعاد إلى السطح إرثًا تاريخيًا معقدًا بين الجزائر وفرنسا، مركّزًا على اتفاقية “إفيان” الموقعة عام 1962، والتي أنهت رسميًا الاستعمار الفرنسي لكنها لم تحقق استقلالًا كاملاً وفق آراء جزائرية عديدة، وهو ما يُستخدم حتى اليوم كأداة سياسية داخلية وخارجية.
أبعاد الحملة في السياق الإقليمي
الهجوم الإعلامي الأخير لا يمكن فصله عن مشهد أوسع من التنافس بين دول الخليج والمغرب العربي، لاسيما في الملفات الطاقوية والاستثمارية والسياسية في أفريقيا، حيث تسعى كل دولة إلى تعزيز نفوذها الجيوسياسي.
كما أن هذه الحملات تندرج ضمن “الحروب الإعلامية” التي أصبحت سلاحًا بديلاً عن المواجهات المباشرة، حيث يُستخدم الإعلام لتقويض الخصوم، والتأثير على صورتهم الإقليمية والدولية.
من المؤكد أن الإمارات ستستمر في مسارها الاستثماري والتنموي في أفريقيا وأوروبا، كما أن الجزائر وقطر ستواصلان العمل على حماية مصالحهما. لكن يظل الرهان الحقيقي هو قدرة الإعلام العربي على الخروج من دائرة “التجييش” نحو المهنية والموضوعية، خاصة في زمن التحولات الجيوسياسية الكبرى.
من نيويورك د.ماك شرقاوي
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي
المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة:
رابط الصفحة :
https://www.facebook.com/Dr.MacSharkaw
