في رحلة البحث عن الحقيقة والمعرفة، ومن قلب الولايات المتحدة الأمريكية، نعود إليكم بحلقة جديدة من برنامج “طريق المعرفة”، لنتناول إحدى أهم قصص النهضة الصناعية في مصر الحديثة: مشروع تطوير صناعة الغزل والنسيج، والذي يمثل رؤية استراتيجية قومية لإعادة الريادة الصناعية المصرية واستعادة شعار “صُنع في مصر” في الأسواق العالمية.
مشروع عملاق برؤية شاملة
هذا المشروع ليس مجرد تطوير لبعض المصانع؛ بل هو إحياء شامل لصناعة وطنية كانت قد بدأت في التراجع. اليوم، تُعيد مصر صياغة مستقبل هذه الصناعة من الجذور: من زراعة القطن، مرورًا بالحلج والغزل والنسيج، ووصولًا إلى التصدير للأسواق العالمية.
استثمارات المشروع تُقدّر بـ 56 مليار جنيه مصري.
هدفه: مضاعفة الإنتاج، تحقيق الاكتفاء الذاتي، وزيادة التصدير.
يشمل إعادة هيكلة ودمج شركات الغزل والنسيج لتكوين كيانات صناعية قوية.
المحلة الكبرى… قلب الصناعة
تم اختيار المحلة الكبرى لتكون المركز الرئيسي لهذا المشروع العملاق، ليس فقط لمكانتها الجغرافية، بل لتاريخها العريق كقلعة لصناعة الغزل والنسيج في مصر.
من أبرز إنجازات المشروع:
مصنع غزل 1: أحد أكبر مصانع الغزل في العالم، على مساحة 62,000 متر، بطاقة 30 طن يوميًا باستخدام 366 ماكينة حديثة.
مصنع غزل 4: ينتج 15 طن يوميًا من أجود الخيوط، ويُعد ركيزة مهمة للتصدير.
المجمع الصناعي الجديد: يشمل ثلاث مصانع رئيسية لإنتاج المفروشات والفوط، بطاقة إنتاجية 143,000 متر قماش يوميًا، باستخدام 572 ماكينة من أحدث طراز عالمي.
أحدث تكنولوجيا وأعلى جودة
أُدخلت أحدث خطوط الإنتاج الأوروبية من شركة Trützschler السويسرية، لتمكين المصانع المصرية من منافسة الأسواق العالمية مثل إيطاليا والهند والصين، بجودة تضاهي المنتجات العالمية.
التصدير هو الهدف
في عام 2024، صدّرت شركة مصر للغزل والنسيج منتجات بقيمة 20 مليون دولار، معظمها من مصنع غزل 4.
ومع اكتمال المشروع، يُتوقع أن:
يُخصص 70% من الإنتاج للتصدير، خاصة للأسواق الأوروبية.
يتم تقليل واردات الغزل والنسيج بقيمة 2 مليار دولار سنويًا.
ترتفع صادرات القطاع بنحو 1.5 مليار دولار سنويًا.
من الزرعة إلى الأسواق العالمية
الرؤية لا تقتصر على الصناعة فقط، بل تشمل سلسلة إنتاج متكاملة تبدأ من:
زراعة القطن المصري قصير التيلة.
مروره بمراحل الحلج والغزل والتجهيز والصباغة.
وصولًا إلى المنتج النهائي الجاهز للتصدير، بجودة عالية وعلامة “صُنع في مصر”.
فرص عمل وتنمية بشرية
المشروع يخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
يشمل تدريب وتأهيل العمالة على التكنولوجيا الحديثة.
يُحافظ على الكفاءات الموجودة ويُطورها لتواكب المعايير العالمية.
مصر تعود لمكانتها
ما يحدث في صناعة الغزل والنسيج هو نموذج حي لنهوض دولة. فاليوم، تعود مصر إلى خريطة الاقتصاد العالمي، وتثبت أن الإرادة والرؤية الواضحة يمكن أن تعيد بناء ما ظن البعض أنه انتهى.
هذه ليست مجرد مصانع، بل عودة لريادة صناعية تاريخية، ورسالة واضحة أن “صُنع في مصر” قادم بقوة.
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة :
رابط الصفحة :
https://www.facebook.com/MacSharkaw/
