د. وفاء علي تكتب : حكمة الإقتصاد الروسى
لاشك أن أحوال الإقتصاد العالمى تقول أنه يكمن أو يسكن فى المنطقة الرمادية بفعل معدلات النمو التى تراجعت بفعل حالة المزاحمة والتوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الأسواق التى لم يغيب عنها ابدآ أن الإقتصاد الروسى مازال يحقق معدلات نمو وصلت إلى ٣,٦% وهنا تفوق على إقتصاد مجموعة السبع التى فرضت عليه العقوبات بالأصل بل إن حجم التجارة بين روسيا ودول أوروبا التى تعاديه زاد حجم التبادل التجاري بينهم هذا العام إلى ٥٣ مليار دولار فى تسعة أشهر فقد أرجعت فى سبتمبر من العام الجارى صادراتها من الغاز إلى أوروبا إلى مكانتها كأول مورد للغاز وبالرغم من أن الخسائر الروسية المباشرة فى الحرب مع أوكرانيا تقدر طبقا للتصريحات المعلنة ٣٢٠ مليار دولار رغم تجميد أصول لها تقدر بما يقرب من ٣٢٢ مليار دولار وتم فرض عقوبات على مؤسسات وشركات روسية تقدر ب ١٢ ألف عقوبة وهناك ٣٠٢ شركة أوقفت أعمالها فى روسيا وألف شركة إنسحبت من السوق الروسى ومع كل ذلك حقق الإقتصاد الروسى معدلات نمو ،
لقد خطط بوتين وتفوق على أمريكا والسؤال الهام الذى يطرح نفسه هو كيف فعل بوتين ذلك وأرجع حجم التبادل التجاري وتصدير الغاز بعدما عانى فى عام ٢٠٢٢، لقد غير بوتين شكل العلاقة بينه وبين أوروبا خصوصاً فى مسألة الغاز ووضع شكل جديد للإقتصاد والعلاقات الإقتصادية فقد غير الأسواق سريعاً ووجد زبائن جدد وفتح طريق مع بلجيكا وفرنسا فهناك شركات وصناعات لن تستطيع الإستغناء عن الغاز الروسى بالإلتفاف على العقوبات وإستطاعت روسيا أن تفشل العقوبات السياسية لتتفوق إقتصاديا لكن مازال السؤال قائما ماهو السر رغم تأثير الحرب ؟
الإجابة قاطعة هى الإستقلالية والإكتفاء الذاتى ودعم الحلفاء فالإقتصاد الروسى إقتصاد قائم بذاته لايعتمد على الإستيراد إلا قليلاً إعتماده الأصلى على الموارد الروسية كما أن البحث عن أسواق جديدة ساعد روسيا على الصمود وهناك دول من آسيا وأفريقيا وقفت إلى جانب روسيا بسبب حكمة ومرونة هذا الإقتصاد الروسى الذى إستطاع الخروج عن العزلة إنها *حكمة الإقتصاد* وإلى حديث آخر
د وفاء علي أستاذ الاقتصاد
وخبير أسواق الطاقة