روحاني: الانتخابات الرئاسية تنقصها المنافسة وهي كـ«الجثة الهامدة»
أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء توجيهه رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي
بشأن ترشيحات الانتخابات الرئاسية المقبلة، طالبا مساعدته في توفير “منافسة” أكبر فيها بعد استبعاد شخصيات بارزة من
الترشح.
تجرى الدورة الأولى للانتخابات في 18 يونيو 2021، لاختيار خلف للمعتدل روحاني الذي لا يحق له دستوريا الترشح هذه المرة بعد
ولايتين متتاليتين في منصبه.
ونشرت وزارة الداخلية يوم الثلاثاء 25 مايو 2021 لائحة من سبعة مرشحين بينهم خمسة من المحافظين المتشددين، صادق
مجلس صيانة الدستور على خوضهم المنافسة. وأثارت اللائحة انتقادات على خلفية هيمنة توجه سياسي واحد عليها، واستبعاد
شخصيات معروفة لها باع طويل في الحياة السياسية المحلية أو شغلت مناصب مهمة.
قال روحاني في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة اليوم “جوهر الانتخابات هو المنافسة، إذا حذفتم ذلك، تصبح
جثة هامدة”.
وأضاف “بعثت برسالة الى القائد الأعلى أمس بشأن ما أفكر به، واذا كان قادرا على المساعدة” في هذا الشأن.
استبعد المجلس، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون وتتألف من 12 عضوا، أسماء بارزة مثل المحافظ المعتدل
علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الذي ترأس مجلس الشورى مدة 12 عاما، والمحافظ المتشدد
محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي اسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني.
وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد تكرارا لما واجهه في انتخابات 2017، شكل إقصاء لاريجاني الذي سبق له خوض الانتخابات
الرئاسية عام 2005، إضافة الى جهانغيري، خطوة مفاجئة.
وبقي الأبرز بين المرشحين النهائيين، رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي الذي يبدو الطريق ممهدا
أمامه للفوز.
نال رئيسي 38 بالمئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017 التي انتهت باحتفاظ روحاني بمنصبه لولاية ثانية.
وأبدى مسؤولون وصحافيون خشيتهم من أن يؤدي اقتصار المرشحين بشكل كبير على توجه سياسي واحد، الى امتناع كبير عن
الاقتراع.
وتعد نسبة المشاركة نقطة ترقب في الانتخابات المقبلة، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 بالمئة في انتخابات البرلمان مطلع 2020
التي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور آلاف المرشحين، العديد منهم كانوا من المعتدلين والاصلاحيين.
وسأل روحاني “ما حصل لنسبة 98 بالمئة” في إشارة الى نسبة المشاركة الرسمية في استفتاء اعتماد مبدأ الجمهورية الإسلامية في العام 1979 بعد الثورة التي أطاحت بنظام الشاه.
وتابع “لماذا تستمر هذه النسبة بالتناقص؟ 98 بالمئة من الناس قالوا إنهم يريدون الجمهورية الإسلامية. لماذا على هذا الرقم
أن ينخفض مع مرور الوقت؟”.
وداعا للإصلاح؟
سبق لخامنئي أن دعا مرارا خلال الفترة الماضية، الى مشاركة واسعة في الانتخابات.
وتخول القوانين المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الكبرى، إجازة تقدم مرشحين استبعدهم مجلس صيانة الدستور. وسجّل ذلك في حالتي اثنين من الاصلاحيين في انتخابات 2005.
وشدد روحاني على أن خامنئي “يمكنه أن يتصرف كما يرى مناسبا، لأن الأمر يتعلق بمصالح البلاد، والعمل الذي يقوم به مجلس
صيانة الدستور”، مضيفا أن “ما كان يمكن لنا القيام به هو الطلب منه، واذا رأى الأمر مناسبا، اتخاذ خطوة بهذا الشأن”.
أثارت اللائحة النهائية انتقادات من أطراف مختلفة في توجهاتها السياسية.
وسبق لمجلس صيانة الدستور أن كان محط انتقادات لما يعتبره البعض ميلا لصالح المحافظين على حساب المعتدلين والاصلاحيين.
واليوم، طرحت الصحف الإصلاحية والمعتدلة أسئلة حول مصير “الاصلاحات” في إيران بعد هيمنة المحافظين المتشددين على
المرشحين السبعة، بينما دافعت تلك المحافظة عن اختيارهم.
وسألت صحيفة “شرق” الإصلاحية “وداعا للإصلاح؟”، مضيفة “حتى أشد المشككين لم يتخيل أن يتم إبعاد جبهة سياسية بهذا الشكل”.
من جهتها، رأت “كيهان” القريبة من المحافظين المتشددين، أن “مجلس صيانة الدستور لا يمكن أن يتصرف على قاعدة المفاضلات الشخصية”.
وتابعت في افتتاحيتها “من المهم أن تكون نسبة المشاركة في أقصاها في 18 حزيران/يونيو، لكن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق مجلس صيانة الدستور بمفرده”.
وكررت الصحيفة انتقاداتها للسياسة الاقتصادية لحكومة روحاني التي تجمع بين المعتدلين والاصلاحيين، قائلة إن “المسؤولين
عن المشاركة هم الذين يتسببون بصفوف الانتظار أمام متاجر” بيع المواد الغذائية المدعومة.
اعتمد روحاني منذ توليه منصبه عام 2013 سياسة انفتاح على الغرب، كان أبرز نتائجها ابرام اتفاق مع القوى الكبرى عام 2015 بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.
وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها.
لكن مفاعيله انعدمت تقريبا منذ قرار واشنطن الانسحاب أحاديا منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، انعكست سلبا على وضعها الاقتصادي وسعر صرف العملة المحلية.
وتخوض طهران والقوى الكبرى مباحثات حاليا في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق، تشارك فيها واشنطن بشكل غير مباشر ودون
الجلوس الى طاولة واحدة مع الوفد الإيراني، مع تولي الأطراف الآخرين المنضويين في الاتفاق، التنسيق بين الجانبين.