شحاتة زكريا يكتب : العالم عند مفترق الطرق .. قراءة في تحديات المستقبل

1

 

مع كل عام جديد يحمل العالم معه مجموعة من التحديات التي تتشابك بين السياسة والاقتصاد والمجتمع. ومع تصاعد الأحداث يبدو أننا نقف عند مفترق طرق عالمي لا يتسم بالوضوح بل يغلب عليه التعقيد والغموض. فقد أصبحت التغيرات أكثر تسارعا والأزمات أكثر ترابطا مما يجعل الاستعداد للمستقبل أمرا ملحًا لا يحتمل التأجيل أو التسويف.

في قلب هذا المشهد تأتي القوى الكبرى لتحدد مسار العالم. السياسة الدولية لم تعد لعبة تقليدية بين الدول بل صارت لوحة شطرنج معقدة تتحكم فيها المصالح الاقتصادية، والتوازنات الجيوسياسية وصراعات التكنولوجيا. في هذا السياق لا يمكن فصل أي أزمة عن الأخرى. أزمات الطاقة تؤثر على الاقتصاد العالمي ، والتغير المناخي يعيد تشكيل الأولويات السياسية بينما تقنيات الذكاء الاصطناعي تضع قواعد جديدة للسباق نحو الهيمنة.

ما يثير القلق ليس فقط طبيعة هذه التحديات ، بل أيضا الأسلوب الذي يُدار به العالم لمواجهتها. هناك فجوة تتسع بين التصريحات السياسية والقرارات العملية، وبين وعود الزعماء وواقع الشعوب. أصبحنا نرى خطابًا عامًا يروج للتغيير لكنه في حقيقته يكرس الوضع الراهن. هذا التناقض ليس مجرد عثرة مؤقتة ، بل هو نتاج نظام عالمي يفتقد إلى العدالة والشمولية.

من جهة أخرى لا يمكن إغفال دور الشعوب في هذه المعادلة. هناك وعي متزايد بأهمية القضايا التي كانت تُعتبر هامشية، مثل المناخ وحقوق الإنسان والمساواة. لكن هذا الوعي لا يكفي بمفرده لتحريك عجلة التغيير. المطلوب هو تحويل هذه الأفكار إلى أفعال ملموسة تضغط على صناع القرار وتدفعهم نحو إعادة النظر في أولوياتهم.

قد يبدو المستقبل قاتمًا للبعض ، لكنه يحمل في طياته فرصا لمن يعرف كيف يستغلها. في كل أزمة، تكمن فرصة للتجديد. وفي كل تحدٍ يظهر أمل لمستقبل أفضل. المهم أن نعرف كيف نقرأ المؤشرات وكيف نستعد للتغيرات ، وكيف نحول مسارنا نحو ما يخدم الإنسانية ككل ، لا فقط مصلحة الأقوياء.

ختامًا العالم عند مفترق طرق ، لكن الطريق الذي نسلكه يعتمد علينا جميعا. لن يكون هناك تغيير حقيقي إذا ظللنا أسرى للنظريات دون أفعال. المستقبل لا يُنتظر بل يُصنع. وإذا كنا نريد مستقبلا مختلفا، فعلينا أن نكون نحن الاختلاف الذي نبحث عنه.