شحاتة زكريا يكتب : تسليح الدولار: بين القوة والنفوذ والمخاطر المحتملة
لطالما كان الدولار الأمريكي حجر الزاوية في النظام المالي العالمي مستفيدا من مكانته كعملة احتياطية عالمية. من مؤتمر بريتون وودز في عام 1944 إلى شعار “الدولار القوي يصب في مصلحة أمريكا”، استمرت الولايات المتحدة في تعزيز نفوذ عملتها على الساحة الدولية. لكن مع هذه القوة تأتي تحديات واستراتيجيات قد تقلب موازين القوى ، حيث تحول الدولار من أداة مالية إلى سلاح استراتيجي ، وفقا لكتاب “جنود من ورق” للكاتبة صالحة محسن .. في هذا المقال نستعرض كيف يمكن أن يكون تسليح الدولار سيفا ذا حدين ومدى تأثير هذه السياسات على النظام العالمي الجديد.
دور الدولار في النظام العالمي:
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح الدولار الأمريكي العمود الفقري للنظام المالي العالمي. تمتع الدولار بقدرة فريدة على توحيد الاقتصاديات تحت مظلة واحدة ، مما سهل التجارة والاستثمار على نطاق واسع وعلى الرغم من استفادة أمريكا من الدولار القوي إلا أن هذا النهج حمل في طياته تناقضات استراتيجية أثرت بشكل مباشر على اقتصادها المحلي.
تسليح الدولار: السلاح ذو الحدين
منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 ، بدأت الولايات المتحدة في تسليح الدولار من خلال العقوبات المالية ضد الدول التي تعتبرها خصما، مثل إيران وروسيا. هذا التحول حول الدولار إلى سلاح اقتصادي قادر على فرض إرادة واشنطن على الساحة الدولية. لكن مع كل عقوبة تفرضها الولايات المتحدة، يتنامى الخوف من أن العالم سيبدأ في البحث عن بدائل للدولار.
المخاطر الاستراتيجية:
إن استخدام الدولار كأداة ضغط لم يمر دون عواقب. تشير صالحة محسن في كتابها إلى أن تسليح الدولار قد يؤدي إلى تآكل الثقة فيه ، مما يدفع البنوك المركزية إلى البحث عن عملات أخرى ، سواء كان ذلك اليوان الصيني أو اليورو. وإذا ما فقد الدولار هيمنته العالمية، فإن الولايات المتحدة ستخسر جزءًا كبيرًا من نفوذها الجيوسياسي.
قد يكون تسليح الدولار استراتيجية فعالة على المدى القصير لكنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على المدى الطويل. إذ إن الاعتماد المفرط على هذا النهج قد يؤدي إلى عواقب غير محسوبة ليس فقط على الاقتصاد الأمريكي بل على النظام العالمي بأسره.
يبقى السؤال: هل ستدرك واشنطن هذه المخاطر قبل فوات الأوان؟ أم أن الدولار سيصبح ضحية لسياساته الذاتية؟
شحاته زكريا
باحث في علوم السياسة والاقتصاد
متخصص في تحليل المشهد السياسي