شحاتة زكريا يكتب : إيران وإسرائيل.. لعبة التصعيد وتوازنات القوى في ظل المتغيرات الإقليمية
في خضم التصعيد المستمر بين إيران وإسرائيل ، تبرز ملامح جديدة لصراع معقد قد يُعيد تشكيل الخريطة السياسية والعسكرية في المنطقة .. فالأحداث الأخيرة لا تعكس فقط مواجهة عسكرية تقليدية ، بل تكشف عن سباق محموم لترسيخ النفوذ حيث يبدو أن كل ضربة تعد خطوة جديدة نحو إعادة رسم قواعد الاشتباك.
إيران التي لطالما عرفت بحنكتها في إدارة الأزمات الإقليمية ، اختارت في هذه المرحلة أن تصعد من عملياتها وتظهر استعدادها للذهاب إلى أبعد مما يتوقعه خصومها. الضربة الإيرانية الأخيرة التي جاءت أقوى وأكثر تأثيرا من الضربات السابقة ، تحمل رسائل عديدة:
أولها أن إيران لن تقبل بسياسة الردع التي تحاول إسرائيل والولايات المتحدة فرضها
ثانيها أنها قادرة على إحداث تغييرات في المعادلة القائمة مهما حاولت الأطراف الأخرى التقليل من خطورة التحركات الإيرانية.
من الجانب الآخر تُحاول الولايات المتحدة الحفاظ على موقفها المتوازن بين احتواء إيران ومنع التصعيد مع إسرائيل .. لكن ما يبدو جليا هو أن هذه المحاولات لا تزال تراوح مكانها ، حيث تصر إيران على مواصلة تحركاتها غير مكترثة بتقييمات البنتاجون أو تصريحات الأمن القومي الأمريكي التي تصف الضربات بأنها “غير فعالة”.
التحولات الأخيرة تُشير إلى أننا أمام مشهد يتجاوز الصراع التقليدي بين إيران وإسرائيل إنه صراع على تحديد معالم النفوذ في المنطقة بأكملها. فإيران لا تكتفي بتحدي إسرائيل عسكريا فحسب ، بل تسعى إلى توجيه رسائل إلى واشنطن وحلفائها بأنها لا تزال لاعبا رئيسيا في المنطقة وأن أي محاولة لتقليص نفوذها سيُقابل بردود فعل تتجاوز الحدود المتوقعة.
في ظل هذه المتغيرات يبدو أن التصعيد الحالي قد يؤدي إلى إعادة النظر في الكثير من التوازنات التي ظلت ثابتة لعقود. العالم بأسره يُراقب عن كثب كيف سيُعيد هذا الصراع رسم ملامح المنطقة ، وسط غموض يكتنف الخطوات المقبلة لكل طرف. لكن ما هو واضح حتى الآن هو أن قواعد اللعبة تتغير، وربما إلى الأبد.