شحاتة زكريا يكتب :العلاقات التركية الأمريكية .. بين الفرص والتحديات في ولاية ترامب الثانية
العلاقات التركية الأمريكية دائما ما كانت معقدة ، حيث تجمع بينهما روابط عضوية في حلف الناتو ، وتفصل بينهما خلافات جوهرية في السياسة الإقليمية والدولية. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية غير متصلة تبدو العلاقات بين البلدين أمام سيناريوهات متباينة إذ قد تحمل فرصا جديدة للتعاون ، أو تعيد التوترات إلى الواجهة.
خلال ولاية ترامب الأولى ، شهدت العلاقات بين أنقرة وواشنطن تقلبات عديدة. فمن جهة ساعدت العلاقة الشخصية بين ترامب وأردوغان على احتواء بعض الأزمات، ومن جهة أخرى كانت هناك محطات توتر شديدة ، أبرزها فرض عقوبات على تركيا بسبب شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 بالإضافة إلى قضية القس الأمريكي برونسون. وعلى الصعيد الاقتصادي ، عانت العلاقات من تأثير السياسات الحمائية التي قلصت الصادرات التركية مما عمّق الأزمة الاقتصادية لأنقرة.
ومع ذلك تحمل ولاية ترامب الثانية فرصا محتملة قد تعزز التعاون بين الجانبين. الملف السوري يبدو في مقدمة القضايا ذات الأولوية حيث تسعى تركيا لتوسيع دورها في الشمال السوري وإقناع واشنطن بسحب قواتها وتقليص دعمها العسكري لوحدات حماية الشعب الكردية. كما أن إعادة بناء الشراكة الدفاعية قد تكون ممكنة إذا تم التوصل إلى حلول مبتكرة لأزمة S-400. وعلى الصعيد الاقتصادي ، قد يوفر تعزيز التعاون التكنولوجي والاستثمارات المشتركة دعما للاقتصاد التركي الذي لا يزال يعاني من تبعات الأزمات السابقة.
لكن هذه الفرص تأتي مصحوبة بتحديات كبيرة. استمرار الدعم الأمريكي للأكراد إضافة إلى السياسات الأمريكية تجاه إيران وإسرائيل ، يضع أنقرة في موقف صعب. علاوة على ذلك يظل ملف حقوق الإنسان والديمقراطية مصدرا لضغط مستمر على تركيا مما يعقد أي محاولات للتقارب المستدام.
ختاما تبدو العلاقات التركية الأمريكية مرشحة لتقلبات جديدة في ظل ولاية ترامب الثانية. فرغم التفاؤل الذي يبديه صناع القرار في أنقرة إلا أن التحديات البنيوية والملفات الشائكة تجعل من الصعب تجاوز الخلافات بشكل كامل. لذا ستبقى العلاقات محكومة بمعادلة دقيقة تجمع بين المصالح المشتركة والصراعات المتجددة.