شحاتة زكريا يكتب: ترامب جاد في تصعيد سياساته؟
بعد أن كانت تصريحاته محط جدل طيلة سنوات ، أصبح السؤال الأكثر إلحاحا اليوم: هل نأخذ ما يقوله ترامب بجدية؟ في ضوء ترشحه لفترة رئاسية ثانية يظهر ترامب مرة أخرى بتصريحات غير تقليدية تتعلق بتوسيع حدود الولايات المتحدة على حساب دول مجاورة. طرح الرئيس السابق فكرة ضم كندا، جزيرة جرينلاند، وحتى الاستحواذ على قناة بنما، ما أثار ردود فعل متباينة من الحلفاء والمواطنين في هذه الدول.
في الأيام الأخيرة عاود ترامب الحديث عن رغبة بلاده في الاستحواذ على جزيرة جرينلاند، مشيرا إلى قيمتها الاقتصادية الضخمة من خلال الموارد الطبيعية التي تحتويها. كما طرح فكرة ضم كندا حيث رأى أن ذلك سيؤدي إلى تقليص الضرائب وتحسين الاقتصاد بشكل كبير. من جهة أخرى، ألمح ترامب إلى استعادة السيطرة على قناة بنما إذا لم تقم الحكومة البنمية بتخفيض الرسوم المفروضة على السفن الأمريكية.
تصريحات ترامب هذه رغم غرابتها تحمل في طياتها بعدًا استراتيجيا واقتصاديا واضحا. فمن المعروف أن الولايات المتحدة قد أقدمت في تاريخها على عمليات شراء أراضٍ استراتيجية مثل شراء ألاسكا من روسيا في 1867 أو شراء الفلبين من إسبانيا في 1898. إذن، لم تكن فكرة توسيع حدود أمريكا سواء عبر الشراء أو الهيمنة، جديدة في السياسة الأمريكية.
ورغم أن تصريحات ترامب تتسم بالعفوية والتقلب، إلا أن هناك قلقا متزايدًدا بين حلفاء الولايات المتحدة خصوصا في كندا والمكسيك وبنما. ما إذا كانت هذه التصريحات مجرد محاولات لجس نبض الدول المتأثرة أم أن ترامب يختبر قدرته على إعادة صياغة علاقات بلاده مع جيرانها ليس واضحًا بعد.
لا تقتصر تصريحات ترامب على محاولة فرض سياسات تضر بمصالح الدول الأخرى فقط بل تمتد إلى تقويض منظومة العلاقات الدولية المعمول بها مستندا إلى مبدأ “أمريكا أولاً” الذي يفضل الاستفادة الفردية على حساب التعاون الدولي.
وفي الوقت نفسه يظل الفريق الأمني والدفاعي في إدارة ترامب بما في ذلك قراراته بشأن الأمن القومي والاستخبارات لغزا مفتوحا. قد تكون تصريحاته مجرد تكتيك سياسي لتهديد دول أخرى وتعديل سياساتها لصالح الولايات المتحدة. ولكن إذا كان ترامب جادا في بعض هذه التصريحات فقد تكون الولايات المتحدة على أعتاب مرحلة جديدة من الإمبريالية الأمريكية الحديثة وهو ما قد يشكل تحولا جذريًا في السياسة العالمية.
ختاما يبقى التساؤل قائما: هل ما يقوله ترامب هو مجرد فقاعة إعلامية أم أن هناك خططا حقيقية لتغيير ميزان القوى العالمي؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.