شحاتة زكريا يكتب : ترامب 2025 .. صانع الصفقات أم مهندس الفوضى العالمية؟
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تتأهب الساحة الدولية لمرحلة جديدة من التوترات والمتغيرات الجيوسياسية. ترامب المعروف بشخصيته غير المتوقعة وسياسته القائمة على عقد الصفقات ، يعود إلى الحكم وسط عالم تتزايد فيه التحديات، بدءا من الصراعات المسلحة وانتهاء بصعود قوى منافسة تهدد النظام العالمي القائم.
الحرب في أوكرانيا تمثل أول اختبار حقيقي لوعوده الكبيرة حيث أعلن أنه قادر على إنهاء الصراع في يوم واحد. لكن الواقع أكثر تعقيدا مما تصوره خطبه الانتخابية. مع تعديل روسيا لعقيدتها النووية وزيادة الدعم الغربي لأوكرانيا بأسلحة متطورة تبدو فرص الحل السلمي ضئيلة. وعلى الرغم من الحديث عن مناطق منزوعة السلاح وخطط لضمان حياد أوكرانيا فإن تحقيق هذه التسويات في ظل استمرار المواجهة بين موسكو وواشنطن يبدو بعيد المنال.
في الشرق الأوسط حيث يزداد تعقيد المشهد يعود ترامب محملا بإرث من القرارات المثيرة للجدل ، من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. ورغم أن المنطقة شهدت تغيرات كبيرة منذ ولايته الأولى ، مثل التقارب السعودي-الإيراني ، فإن محاولاته السابقة لفرض رؤية أحادية للصراع أثبتت أنها غير مستدامة. اليوم باتت المنطقة أكثر تعقيدا مع التحالف الإيراني-الروسي وصعود دور الصين كقوة اقتصادية واستراتيجية تسعى إلى إعادة تشكيل توازنات المنطقة.
أما على الجبهة الصينية فإن ترامب يواجه التحدي الأكبر. الطموحات الصينية لاستعادة تايوان وامتلاك أكبر أسطول بحري في العالم تُهدد الهيمنة الأمريكية التقليدية. ترامب الذي يعتمد خطابا حادا تجاه الصين ، سيجد نفسه أمام واقع يفرض حلولا دقيقة ؛ فالتصعيد العسكري قد يؤدي إلى كارثة عالمية ، بينما التراجع يضعف صورة الولايات المتحدة كقوة أولى.
على الصعيد الداخلي يمنحه دعم الكونجرس سيطرة غير مسبوقة ، لكنه سيحتاج إلى مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية عميقة بما في ذلك التضخم، الهجرة وانقسام المجتمع الأمريكي.
عودة ترامب ليست مجرد صفحة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة بل فصل جديد في تاريخ العالم بأسره. فبين شعاراته الرنانة عن “أمريكا أولا” وطموحاته لتغيير قواعد اللعبة الدولية يبقى السؤال الأهم: هل سيكون صانع صفقات قادرا على إعادة الاستقرار، أم مهندسا لفوضى جديدة تكتب نهايات غير متوقعة؟