شحاتة زكريا يكتب: حماس.. من المقاومة إلى المأزق

0

لم تكن حركة حماس مجرد فصيل فلسطيني مسلح ، بل أصبحت مع مرور الوقت لاعبًا رئيسيًا في المشهد السياسي الفلسطيني وفي توازنات القوى الإقليمية. فمنذ نشأتها تبنّت خيار المقاومة المسلحة كأداة رئيسية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لكنها وجدت نفسها لاحقًا في معادلة أكثر تعقيدًا، حيث تداخلت الأيديولوجيا بالسياسة وتحولت من مجرد حركة مقاومة إلى سلطة تحكم قطاع غزة لتواجه تحديات لم تكن في حسبانها.

على مدار العقود الماضية خاضت حماس مواجهات دامية مع إسرائيل بدأت بعمليات فدائية ثم تطورت إلى حروب متكررة على غزة دفعت فيها الحركة ثمنًا باهظًا لكن الشعب الفلسطيني كان هو الخاسر الأكبر. فالاحتلال الإسرائيلي استخدم هذه الحروب مبررا لتشديد الحصار وتوسيع الاستيطان ، وتعزيز الرواية القائلة بأن الفلسطينيين غير قادرين على إدارة أنفسهم دون “وصاية”.

إشكالية حماس لم تكن فقط في مواجهتها للاحتلال بل في طبيعة مشروعها السياسي. فبدلا من العمل على تحقيق وحدة وطنية فلسطينية كرّست الانقسام عندما سيطرت على غزة بالقوة عام 2007 مما أدى إلى انشقاق سياسي وجغرافي بين الضفة والقطاع وهو ما استفادت منه إسرائيل بشكل مباشر. هذا الانقسام أضعف الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية ، وأفقد القضية الفلسطينية الكثير من الزخم الذي كانت تتمتع به قبل ذلك.

في السنوات الأخيرة أصبحت حماس أكثر انخراطًا في التوازنات الإقليمية حيث وجدت نفسها مضطرة إلى التكيف مع تحولات المشهد العربي والدولي فتأرجحت بين محاور مختلفة ، وحاولت الحفاظ على علاقات متوازنة بين إيران وتركيا وقطر ، لكنها في الوقت نفسه وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه حيث لا تستطيع الاستغناء عن الدعم الخارجي ، لكنها أيضًا لا تستطيع التحرر من حساباته.

اليوم تجد حماس نفسها أمام مأزق حقيقي فبعد حرب طوفان الأقصى ، أصبح القطاع يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة بينما تواصل إسرائيل حربها بلا هوادة وسط ضغوط دولية متزايدة لإنهاء الصراع ، لكنها في الوقت ذاته لا تقدم حلا عمليًا للمستقبل. في ظل هذا الوضع يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع حماس إعادة صياغة دورها والتحول من حركة مسلحة إلى فاعل سياسي قادر على تحقيق مكاسب حقيقية للقضية الفلسطينية، أم أنها ستظل رهينة للمعادلات العسكرية والأيديولوجية التي وضعت نفسها فيها؟