شحاتة زكريا يكتب: رقصة الذئاب.. حين يبيع الإخوان دماء غزة على موائد المؤامرات

1

منذ اندلاع المأساة الأخيرة في غزة ، انكشفت الوجوه الحقيقية وسقطت الأقنعة التي طالما احتمت خلفها جماعة الإخوان فإذا بها تقف في خندق واحد مع الاحتلال متاجرة بدماء الفلسطينيين ، وطارحة نفسها في دور الضحية وهي تمارس دور الجلاد. المشهد بدا أشبه برقصة ذئاب على أشلاء الأطفال حيث يتقاطع خطاب نتنياهو مع خطاب الإخوان في نقطة واحدة: استمرار النزيف كي يبقى كل طرف على قيد الحياة سياسيا. نتنياهو يقتات على الخوف ويبرر جرائمه باسم الأمن والجماعة تقتات على المظلومية وتوظفها في خطابها العاطفي الموجه لأتباعها وبين الاثنين تُسحق غزة تحت الركام.

لم يكن هذا الانكشاف جديدا على من قرأ تاريخ الجماعة فالإخوان لم يعرفوا يوما معنى للوطن أو قداسة الدم بل عرفوا منذ نشأتهم كيف يتاجرون بالقضية تلو الأخرى مرة باسم الدين ومرة باسم الحرية ومرة باسم فلسطين. واليوم فيما تفتح مصر معابرها وترسل المساعدات وتحتمل أعباء الحصار نيابة عن العالم نجد أصوات الجماعة تعلو لتشويه كل جهد مصري متهمة الدولة التي وقفت بجانب غزة بأنها متآمرة بينما تصمت عن جرائم الاحتلال أو تراوغ في تبريرها. أي خيانة أكبر من أن يهاجم المنقذ ويُبرأ القاتل؟

لقد صار واضحا أن الإخوان لا يعنيهم مصير أهل غزة بقدر ما يعنيهم استغلال الدم الفلسطيني كورقة في صراعهم السياسي مع مصر. الأطفال الذين يصرخون من الجوع لا يثيرون فيهم سوى شهية الخطاب الإعلامي ، والنساء اللاتي يبحثن عن مأوى لا يذكرونهن إلا كوسيلة لتجييش اللجان الإلكترونية. إنهم يرون في المأساة فرصة للابتزاز ، وفي الخراب فرصة لبث خطاب الكراهية ، بينما الذين يمدون يد العون على الأرض يواجهون سهام الخيانة والتشويه.

إنها رقصة الذئاب رقصة لا يعرف أصحابها للرحمة طريقا. نتنياهو يحتاج استمرار النار ليبرر قبضته الحديدية والإخوان يحتاجون استمرار الدم ليبرروا وجودهم في مشهد ترفضه الشعوب. كلاهما يرقص فوق الجثث ، وكلاهما يعلم أن النهاية قريبة وأن هذا الرقص لن يدوم طويلا. فالتنظيم الذي تأسس على يد المستعمر لا يمكن أن يثمر إلا خيانة والدولة التي تأسست على الاحتلال لا يمكن أن تثمر إلا قتلا ودمارا.

ومع ذلك وسط هذا السواد يبقى هناك ما يضيء الطريق. المصريون الذين عاشوا تجربة مريرة مع الجماعة في 2011 صاروا أكثر وعيا وصلابة فلم يعد ينطلي عليهم خطاب الشعارات ولا تجارة الدين. لقد رأوا بأعينهم كيف تحولت الوعود الكاذبة إلى فوضى وكيف أُريد لوطنهم أن يصبح مسرحا للفوضى باسم “المشروع الإسلامي”. هذه التجربة صنعت جدارا من الوعي يحمي مصر اليوم من الوقوع مجددا في فخ الأكاذيب ، ويمكّنها من أن تتعامل مع القضية الفلسطينية بضمير وواقعية بعيدا عن المتاجرات الرخيصة.

التاريخ لن يرحم. ستبقى غزة وستبقى مصر بينما تسقط كل رايات الزيف. سيكتب الدم الفلسطيني شهادة إدانة لكل من خان وتاجر وتراقص على الجراح. وسيظل صوت الأطفال في المخيمات أقوى من خطابات نتنياهو وبيانات الإخوان مجتمعة لأن الحق لا يموت وإن طال الزمن ، والباطل مهما انتفش فإن مصيره أن ينكسر أمام صلابة الأرض وإرادة الشعوب.