شحاتة زكريا يكتب : صراع الشرق الأوسط .. كيف يُشعل فتيل التوترات الاقتصادية العالمية ويهدد استقرار الأسواق

5

مع تزايد التوترات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط تتعاظم المخاوف من التداعيات الاقتصادية التي قد تنجم عن هذه الأحداث على المستوى العالمي. فهذه المنطقة التي تُعد شريانا رئيسيا لإنتاج وتصدير النفط والغاز باتت بؤرة ساخنة للصراعات الجيوسياسية مما يساهم في تقلب أسعار الطاقة ويهدد استقرار الأسواق الدولية.

لطالما ارتبط الاقتصاد العالمي بحالة من الاستقرار في الشرق الأوسط حيث تتمتع دول المنطقة بنصيب كبير من احتياطات النفط العالمية. إلا أن أي اضطراب أو تصعيد سواء عبر نزاعات عسكرية أو أزمات سياسية، يبرز مدى هشاشة الأسواق أمام تذبذب أسعار الطاقة ويعيد التركيز على الاعتماد المفرط على النفط كمصدر طاقة أساسي.

أول المتأثرين بتصاعد التوترات هو النفط الذي يُعتبر عصب اقتصاد الشرق الأوسط وأحد المحركات الرئيسية للاقتصاد العالمي. فعند اشتداد النزاعات يرتفع سعر البرميل فورا نتيجة المخاوف من تعطل الإنتاج خاصة في ممرات حيوية مثل مضيق هرمز. وهكذا تُصبح الثروات النفطية وسيلة ضغط واقتصادية تستغلها القوى الإقليمية والدولية للتأثير على الأسواق وفقا لأجنداتها السياسية حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار الاقتصاد العالمي.

وليس النفط وحده من يتأثر فهذه التوترات تلقي بظلالها على حركة الشحن والتجارة الدولية. الممرات المائية في الشرق الأوسط تُعد مسارات حيوية لسلاسل التوريد العالمية حيث يعتمد الكثير من الدول على المواد الخام التي تمر عبر هذه المناطق. لذا قد تواجه الشركات الدولية تحديات كبيرة بسبب قيود الشحن وتزايد التكاليف التشغيلية مما يُلقي بظلاله على المستهلكين حول العالم ويهدد استقرار سلاسل التوريد.

هذه الاضطرابات تؤدي أيضا إلى ارتفاع تكاليف الوقود والنقل مما يخلق ضغوطا تضخمية في الأسواق ويثقل كاهل الدول المستوردة للطاقة. فمع كل صعود في أسعار النفط يواجه المستهلكون ارتفاعا في أسعار السلع والخدمات مما ينعكس سلبًا على مستويات المعيشة ويضع صناع السياسات في مواجهة تحديات معقدة للحد من التضخم دون التأثير على النمو الاقتصادي. لذا تجد الدول الكبرى نفسها ملزمة بإعادة التفكير في استراتيجيات الطاقة والتوجه نحو بدائل أكثر استدامة لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.

اليوم ومع استمرار الصراعات تتزايد الدعوات إلى تسريع التحول نحو الطاقة المتجددة كوسيلة لضمان الاستقرار الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد على النفط. وقد دفعت هذه الأزمات الأخيرة الدول الكبرى إلى تعزيز استثماراتها في الطاقة النظيفة كحل مستقبلي لتقليل التأثر بتقلبات أسواق النفط. إلا أن هذه التحولات لا تزال تواجه تحديات كبيرة، خاصة أن البنية التحتية الحالية للطاقة العالمية لا تزال تعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز.

في ظل هذه الأوضاع يبدو أن الحل يتطلب تعاونا دوليا لتأمين إمدادات الطاقة وحماية سلاسل التوريد ، مع الالتزام بتسريع التحول إلى مصادر الطاقة البديلة. إلا أن هذا الهدف يظل بعيد المنال ما دام الاستقرار السياسي في المنطقة هشا