شحاتة زكريا يكتب : فلسطين بين الأوهام والمؤامرات .. الطريق الذي لا يكتمل
منذ أن بدأ العالم يسمع عن “صفقة القرن” في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت الصورة تتضح تدريجيا عن مؤامرة لا تهدف فقط إلى تقليص حقوق الفلسطينيين ، بل أيضا إلى فرض واقع جديد على المنطقة بأكملها. الوعود كانت مغرية في البداية بتطوير غزة وتحويلها إلى سنغافورة جديدة أو “ريفييرا الشرق الأوسط”، لكن ما لا يدركه العالم هو أن هذه الأوهام كانت مجرد غطاء لمخططات تهدف إلى تصفية قضية فلسطين وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى.
أولًا وفي وقت سابق قوبل هذا العرض بتشكيك شديد من كافة الأطراف العربية والعالمية. غزة التي كانت في يوم من الأيام تُعتبر جزءا من “الصفقة السلمية”، أصبحت الآن محل نزاع يهدد بإخراجها من دائرة الحلول السلمية المتفق عليها في العالم. بدلا من أن تكون غزة رمزا للاستقلال أراد البعض تحويلها إلى منتجع سياحي فاخر لغير أهلها ، وهو تصوّر يمكن أن يسهم في تغيير وجه المنطقة إلى غير رجعة.
وما يزيد الأمور تعقيدًا هو المحاولات المستمرة لفرض التهجير القسري على الشعب الفلسطيني وهو ما يتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي. تصوّر البعض أن القضية الفلسطينية يمكن أن تحل عبر تغيير ديموغرافي في المنطقة، وتأسيس واقع جديد لا مكان فيه للوجود الفلسطيني في وطنه. لكن هؤلاء يغفلون عن حقيقة واحدة واضحة: لن يكون هذا التهجير سهلا ولن تنجح أي محاولات لطرد الفلسطينيين من أرضهم.
ثم تأتي محاولات تصدير الحلول الخادعة مثل “ريفييرا الشرق الأوسط”، تلك الفكرة التي عُرضت تحت ذريعة توفير حياة أفضل للفلسطينيين في غزة. وفي الوقت نفسه يتم تجاهل نضال هذا الشعب الصامد وتاريخه الذي يعود إلى قرون من الاحتلال والمقاومة. التهجير القسري لن يكون حلا مهما حاولت بعض القوى الكبرى فرضه ، وهو ليس سوى حلقة أخرى في سلسلة طويلة من المؤامرات التي لم تكن أبدًا صادقة.
في النهاية يظهر بوضوح أن المؤامرة لن تنجح. فالشعب الفلسطيني رغم كل محاولات التجاهل والتهجير سيظل ثابتا على أرضه. والعوامل التي تحفز هذا الصمود ليست مجرد رغبة في البقاء بل إيمان راسخ بأن غزة هي جزء لا يتجزأ من فلسطين الكاملة. كذلك لا يمكن نكران موقف الدول العربية الرئيسية مثل مصر والأردن ، اللتين رفضتا كل محاولات التهجير هذه بل عملتا على تعزيز موقف فلسطين في المحافل الدولية.
بالطبع الطريق أمام إسرائيل ليس مفروشا بالورد. فحتى إذا حاول ترامب أو غيره من صانعي القرار الضغط على الدول المجاورة لفلسطين ، فإنهم سيجدون أنفسهم في مواجهة جدار من الرفض الإقليمي والدولي. وفي النهاية فإن هذا النزاع لن يحل إلا عبر العدالة ، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
الفلسطينيون لا يحتاجون إلى “سنغافورة” أو “ريفييرا” جديدة، فهم بحاجة فقط إلى حرية في وطنهم. هذه الحقيقة التي لم ولن تتغير ، مهما تعددت المخططات والمؤامرات التي تحاول العبث بمصيرهم.