شحاتة زكريا يكتب: كيف يُعيد نتنياهو تشكيل اللعبة الإقليمية بعد كل ضربة؟

1

نتنياهو ليس زعيما تقليديا يرضى بالبقاء في موقع الدفاع بل يسعى دوما لتحويل أي ضربة يتلقاها إلى فرصة لتوسيع نفوذه. منذ طوفان الأقصى إلى الهجمات المتكررة التي تطال منزله، يُظهر أنه يتعامل مع كل مواجهة باعتبارها معركة استنزاف طويلة الأمد. بالنسبة له الخسائر ليست سوى تفاصيل مؤقتة طالما أن الخصوم ينزفون بشكل أكبر.

منذ البداية بدا واضحا أن نتنياهو يتبنى سياسة الضرب بلا هوادة معتمدا على تفوقه العسكري والإسناد الدولي. لا يهتم نتنياهو بالردع بقدر ما يسعى لتغيير المعادلة بالكامل حتى لو كان ذلك يعني إشعال المنطقة برمتها. يعتمد على تمسكه بخطة استراتيجية واضحة تُبقيه في المقدمة حتى وإن بدا أن المواجهات تخرج عن السيطرة في بعض الأحيان.

لكن هل نتنياهو وحده المسؤول عن هذا التصعيد؟ بالتأكيد لا. المقاومة رغم عدالتها ارتكبت أخطاء استراتيجية دفعت الثمن مضاعفا. التحرك دون تجهيزات كافية أو حسابات دقيقة جعل إسرائيل قادرة على استغلال الفجوات وإعادة تفعيل خطط مؤجلة كانت تنتظر فرصة سانحة. المقاومة بقرارها الدخول في مواجهة مع عدو متمرس مثل نتنياهو فتحت الأبواب أمام أسوأ الخيارات الإسرائيلية ما دفع الوضع إلى حافة الانهيار.

وفي الوقت الذي تتحرك فيه المقاومة بدوافع العاطفة والتحدي يُظهر نتنياهو ذكاء في توظيف كل موقف لصالحه. كل خطوة محسوبة وكل رد فعل مخطط له مسبقا. وعندما تتراجع المقاومة أو ترتكب خطأً تكتيكيا، فإن نتنياهو يستغله بأقصى ما يمكن.

من الصعب أن نغفل أن التحرك في هذا الصراع يحتاج إلى رؤية أعمق واستراتيجيات أكثر توازنا، لأن العدو الذي تواجهه المقاومة ليس مجرد نظام قمعي بل هو نظام يعتمد على استغلال كل زلة وكل خطأ لإعادة تشكيل قواعد اللعبة