شحاتة زكريا يكتب : نتنياهو.. السقوط تحت عجلات واشنطن!
عندما يتحدث البيت الأبيض بلسانين فإن أحدهما دائما يخفي طعنة في الظهر .. تلك هي القاعدة التي تعلّمها بنيامين نتنياهو مؤخرا وهو يرى واشنطن تفتح قنوات اتصال مباشرة مع “حماس”، المنظمة التي لطالما أصرت تل أبيب على تصفيتها سياسيا وعسكريا. كانت الصدمة مزدوجة؛ فمن ناحية اضطرت إسرائيل إلى مشاهدة حليفها الأكبر يتفاوض مع خصمها اللدود ومن ناحية أخرى خرج المبعوث الأمريكي ليعلن أن تلك المحادثات كانت “مفيدة جدًا”.
نتنياهو الذي اعتاد على فرض رؤيته على الإدارات الأمريكية المتعاقبة يبدو اليوم كزعيم في مأزق ، عالق بين حسابات الداخل الإسرائيلي المتفجرة وضغوط الخارج الذي بدأ يفقد صبره. فبينما تتشبث حكومته المتطرفة برفض أي تسوية تدرك واشنطن أن استمرار الحرب على غزة لم يعد يتماشى مع مصالحها، لا سيما في عام انتخابي حساس لبايدن.
الأمر لا يتعلق فقط بالمحتجزين الإسرائيليين في غزة بل بمستقبل المعادلة الإقليمية برمتها. فقد بات واضحا أن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لمنح إسرائيل شيكا على بياض كما كان الحال في الماضي. تريد واشنطن إنهاء الحرب ، وإعادة ترتيب الأوراق وربما حتى إعادة تشكيل المشهد السياسي الإسرائيلي نفسه. فهل سيكون نتنياهو هو الضحية القادمة؟
المؤشرات لا تبشر بخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي. فداخليا يواجه معارضة متصاعدة سواء من الشارع الذي أنهكته الحرب ، أو من المؤسسة العسكرية التي تدرك أن استمرار القتال لن يؤدي إلى نصر استراتيجي حاسم. وخارجيا بدأ العالم يبتعد تدريجيًا عن الرواية الإسرائيلية وسط تزايد الإدانات والضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.
لكن الأخطر من ذلك كله هو أن نتنياهو يواجه ما لم يواجهه من قبل: برودا أمريكيا غير مسبوق. لقد اعتاد لعقود على رؤساء أمريكيين يهرعون لحمايته ، لكنه الآن أمام إدارة توازن بين دعم إسرائيل ومصالحها الأوسع ، حتى لو تطلب ذلك إلقاءه تحت عجلات السياسة الدولية.
في النهاية قد يكتشف نتنياهو أن أكبر تهديد لوجوده السياسي لم يكن في غزة ، بل في البيت الأبيض نفسه.