لدى سماع كلمة ضحية، يبرز لدى السامع التعاطف والتبرير والاستعداد للوم المضطهد المتسبب في إيصال الشخص ليصبح ضحية. فهل ذلك المضطهد هو من يفعل ذلك؟ أم أن شعور الشخص بأنه ضحية يحفز الآخر على اضطهاده؟
من هو الضحية؟
إذا كان من السهل اكتشاف سلوك الاضطهاد، فإن لعب دور الضحية قد يكون خفيا وخادعا أحيانا. من أبرز سمات الضحية هي الشكوى مع عدم الرغبة في إيجاد حل أو الرضا بأي من الحلول المقترحة. ورغم أن الضحية والمضطهد والمنقذ هم أضلاع مثلث واحد ، وهو مثلث كاربمان للدراما، ورغم أنهم اضلاع متساوية إلا أن ضلع الضحية هو دوما البداية، فلا يوجد مضطهد لم يكن ضحية ولا يوجد منقذ لم يكن ضحية. ومن الصادم أن تعرف أن المضطهد هو ضحية لم يجد التعاطف فبدا له أن من حقه الانتقام! والمنقذ هو ضحية يشعر بالتأنيب فتحمل مسؤولية ما يحدث للضحية ويسعى لتخليصه.
المثلث وبوابات الخروج
على كل ضلع من أضلاع المثلث هناك بوابة للخروج ، إلا أن بوابة الخروج من وعي الضحية هي الأصعب بينهم لأن الضحية هو الأكثر تعنتا في الاعتراف بأنه يلعب دور الضحية وهو دائم الإنكار لذلك ورفضه لتحمل المسؤولية هو الأكبر بين الثلاثة. فالجميع مسؤولون عما يحدث إلا هو. لذا، فالخطوة الأولى لإيجاد المخرج من وعي الضحية هي الاعتراف بالمسؤولية. وبدون ذلك الاعتراف لن يستطيع الضحية مسامحة ذاته ليختار ترك الماضي الذي كان عالقا به ويسعى للمُضي قٌدما.
مسامحة الذات ضرورة
بدون مسامحة الذات، كل مزاعم مسامحة الآخرين تصبح وهما. فعدم قدرتك على مسامحة نفسك على أخطاء الماضي تقف حاجزا بينك وبين الآخرين. وهناك خلط لمفاهيم التسامح والذي يكون بينك وبين نفسك دون علم الآخر وبين أن تخبره أنك سامحته وتبادر بإعطائه فرصة جديدة! هذا الخلط يقف عائقا بينك وبين التسامح والذي أساسه أنك تسامح نفسك على سماحك للآخر بإيذائك. لذلك، يرفض العديد من الناس فكرة التسامح ظنا منهم أنه يعني التنازل عن الحق.
العفو والغفران والصفح
على الرغم من الكلمات تبدو مترادفة وتحمل معاني متشابهة، إلا أن كل كلمة تحمل معنى دقيق يختلف تماما عن الأخرى. فالعفو هو إسقاط العقوبة مع بقاء الذنب، بينما الغفران هو إسقاط العقوبة والذنب معا، أي أنك تعتبر أن الشخص لم يفعل ذنبا ولا يستحق عقوبة. ويأتي معني الصفح عندما تكون مستعدا للبدء من جديد مع ذلك الشخص، وهي مرحلة دقيقة جدا وتتطلب أن تكون قد غفرت بالفعل وإلا ستظل تغلق الصفحة مع كل مشادة جديدة حتى تتمزق الورقة.
الفصل مطلوب لتجنب اختلاط المعنى
التسامح والعفو والغفران والصفح، ليسوا فقط مرادفات لغوية لمعاني مختلفة لسياق واحد، بل مراحل مبنية على بعضها البعض. فلن يمكنك أن تصفح مالم تكن قادرا على الغفران، ولن تفغر مالم تعفو، ولن تعفو مالم تتعلم كيف تسامح، ولن تسامح أحدا قط مالم تبدأ بمسامحة نفسك. الرحلة كلها أساسها هو مسامحة الذات، وتلك هي الحقيقة وذلك هو الجوهر. الخروج من وعي “الضحية” يبدأ بمسامحة الذات التي تتطلب الاعتراف بالمسؤولية وعدم إلصاقها “بالمضطهد “.
للمزيد، قم بالاستماع إلى حلقة بوابة الخروج من وعي الضحية من بودكاست ترميم مهارات اللغة على قناتي على اليوتيوب