كم مرة رأيت طفل يفعل شيئا تراه يستحق العقاب ، ثم يقول: ” “لم أفعل” أو تراه يأخذ شيئا أمام عينيك تراه و يصرخ هو: “لم آخذ”. كم مرة صرخ في وجهك: “لا أحبك” أو في موقف أقوى: “أكرهك” . تراه كذابا؟ مخادعاً؟ مغالطاً؟ قاسياً و لا يقدر حبك؟
انتبه أنت تتحدث عن طفل
مهلا إذا سمحت! أنت أنت تتحدث عن طفل لا يمتلك خبراتك المتراكمة لديك على مدى سنوات و العديد من المواقف التي كونت معتقداتك ووجهات نظرك. تلك الخبرات علمتك أن من يأخذ و يقول : لم أخذ، فهو بالطبع كذاب.
خبرتك أنت كطفل
مؤكد أنك قد فعلت و قيل لك ذلك. نحن لا نعلم هل قيل لك ذلك بلطف و هدوء و شرح للموقف، أم أنه قد قيل لك باتهام و عقاب. أيا كانت الطريقة التي وصل لك بها الأمر، فأنت قد تمت “برمجتك” دون محاولة معرفة سبب سلوكك.
السؤال ضرورة ملحة
و كان ذلك ممكنا ببساطة بتوجيه السؤال لك: لماذا تقول أنك لم تأخذ؟ هل تريد المزيد؟ كان الأمر لينتهي بشكل جيد لو عرفت أنت شخصيا لماذا قلت أنك لم تأخذ. لأنك أنت المهم هنا و لابد أن تعرف لماذا اعتبرت أنك لم تأخذ. كان من الأفضل أن تدرك أنك مازلت بحاجة و أنك لم تصل إلى الإكتفاء المُرضي لك.
ضرورة تحديد المعاني
كل ما كان يهم الأهل هنا هو أنك لم تقل الحقيقة. و لكن أية حقيقة؟ الحقيقة التي يعرفونها هم. في أنهم أعطوك. فلماذا تقوم بإنكار عطائهم؟! إنه ذلك اللبس في الفهم لديهم هم. انت لم تقل أنهم لم يعطوك؟ أنت تحدثت عن نفسك أنت في أنك لم تأخذ ما تريد أو بالكم الذي تريد؟ ربما تم اعطاؤك شيكولاتة و كنت تريد كعكة مثلا، فأنت هنا لم تأخذ ما تريد. و ربما أنهم قد أعطوك قطعة، بينما أنت تريد قطعتين، فأنت هنا لازلت “لم تأخذ ” ما تريد.
احتياجه ليس بالضرورة ما قررته أنت
عبارة “لم آخذ” التي يقولها طفلك تعبر عن احتياجه هو، لا رغبتك أنت في تقرير ما يجب أن يأخذ. فعندما يقولها لا تبادر لاتهامه بالكذب أو الجحود لعطائك. أسأله بشكل مباشر إن كان يريد المزيد أو إن كان يريد شيئا آخر.
لا يرى أنه يستحق العقاب
كذلك عبارة “لم أفعل”، لا تعني إنكاره أنه قام بالفعل، و إنما لرؤيته أنه لم يفعل ما يستحق العقاب! فعليك أن تقوم بسؤاله بشكل مباشر عما فعله وكيف يراه. و عليك أن تسأله، ماذا لو أن شخص ما قام بهذا الفعل معه، ماذا كان ليفعل “هو” معه.
الطفل لا يعرف كثيرا مما تم تخزينه من معتقدات في داخلنا و في الفكر الجمعي للمجتمع و للبشر ككل. قم بمناقشته بدلا من اتهامه، حتى لا يعتمد سياسة الهرب خوفا ، و هو لا يدرك ماذا فعل، فقط ليهرب من العقاب .
مفهوم “هنا” و “الآن”
أما بخصوص عبارة “لا أحبك” أو “أكرهك” ،فمهم جدا أن تعلم، أن طفلك يعيش هنا و الآن، حتى تنجح في سحبه بعيدا عنها بالقيام بجره إلى الماضي أو تحويله من المستقبل.
فإذا ما قال لك ذلك، فاعلم أنه يعني أنه “الآن” لا يحبك، في هذه اللحظة تحديداً، و من أجل هذا الموقف. و الذي قد يكون بسبب أنك لم تعطه حلوى! و ليس لأن هناك تراكمات من المشاعر تجاهك جعلته يقرر أنه لم يعد يحبك!
هل تدرك حقاً ما تقول؟
المشكلة تكمن في تفسيراتنا نحن للمعاني التي بداخلنا، و معتقداتنا نحن تجاه تلك العبارات. لذا، مع طفلك أو مع أي شخص، لا تقم بتفسير أي عبارة بقاموسك أنت، و ببساطة اسأل عن المقصد الذي يقصده من أمامك. مع الأخذ في الاعتبار، لراحتك أنت شخصيا، أنه ليس جميع الناس يدركون حقا ما يقولون!
