علامات الشيخوخة تظهر على بايدن
عندما التقى الرئيس الأميركي جو بايدن بقادة الكونغرس في البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) الماضي للتفاوض على صفقة تمويل لأوكرانيا، تحدث بصوت منخفض للغاية في بعض الأحيان، لدرجة أن بعض المشاركين وجدوا صعوبة في سماعه، وفقاً لخمسة أشخاص مطلعين على الاجتماع.
ووفق تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، كان بايدن يقرأ من الملاحظات ليقول نقاطاً واضحة، ويتوقف لفترات طويلة، وأحياناً يغمض عينيه لفترة.
وفي محادثة فردية بفبراير (شباط) في المكتب البيضاوي مع رئيس مجلس النواب مايك جونسون، قال الرئيس إن التغيير الأخير في السياسة من قبل إدارته والذي يعرض بعض مشاريع الطاقة الكبرى للخطر كان مجرد دراسة، وفقاً لستة أشخاص تم إخبارهم في ذلك الوقت. شعر جونسون بالقلق من أن ذاكرة الرئيس قد تراجعت بشأن تفاصيل سياسته الخاصة.
في العام الماضي، عندما كان بايدن يتفاوض مع الجمهوريين في مجلس النواب لرفع سقف الديون، بدا أن سلوكه وتحكمه في التفاصيل يتغير من يوم إلى آخر، وفقاً لرئيس مجلس النواب آنذاك كيفن مكارثي واثنين آخرين مطلعين على المحادثات. وفي بعض الأيام، كان يجري تبادلات فضفاضة وعفوية للكلام مع الجمهوريين، وفي أيام أخرى كان يتمتم، ويبدو أنه يعتمد على الملاحظات المكتوبة.
وقال مكارثي في مقابلة: «كنت ألتقي به عندما كان نائباً للرئيس إنه ليس الشخص نفسه».
وبايدن البالغ من العمر 81 عاماً هو أكبر شخص يتولى الرئاسة. وأصبح عمره وقدرته المعرفية من القضايا الرئيسية في حملته لولاية ثانية، سواء في أذهان الناخبين أو في الهجمات عليه من قبل الجمهوريين. وقال البيت الأبيض وكبار مساعديه إنه لا يزال زعيماً وقوياً.
ومع ذلك، فإن بعض الذين عملوا معه، بما في ذلك الديمقراطيون وبعض الذين عرفوه عندما كان نائباً للرئيس، وصفوا الرئيس بأنه يبدو أبطأ الآن، وهو شخص لديه لحظات جيدة وأخرى سيئة. خلال معظم حياته المهنية، تمتع بايدن بسمعة طيبة في «الكابيتول هيل» (مجلس النواب) لكونه مفاوضاً بارعاً في الصفقات التشريعية، ومعروفاً بمعرفته التفصيلية بالقضايا، ورؤيته حول دوافع الطرف الآخر واحتياجاته.
ولكن خلال العام الماضي، مع سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، تلاشت هذه السمعة. ونفى مسؤولو البيت الأبيض كثيراً من روايات أولئك الذين التقوا بالرئيس أو اطلعوا على تلك الاجتماعات بوصفها مدفوعة بالسياسات الحزبية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس: «لقد أوضح الجمهوريون في الكونغرس والقادة الأجانب وخبراء الأمن القومي غير الحزبيين بكلماتهم الخاصة أن الرئيس بايدن زعيم ذكي وفعال، وله سجل عميق من الإنجازات التشريعية». وأضاف: «اليوم، في عام 2024 يطلق الجمهوريون في مجلس النواب ادعاءات كاذبة في شكل تكتيك سياسي يتناقض بشكل قاطع مع التصريحات السابقة التي أدلوا بها أنفسهم».
يستند هذا التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 45 شخصاً على مدى عدة أشهر. وأجريت المقابلات مع جمهوريين وديمقراطيين شاركوا في الاجتماعات مع بايدن أو اطلعوا عليها بشكل متزامن، بما في ذلك مسؤولون في الإدارة وغيرهم من الديمقراطيين الذين لم يجدوا أي خطأ في تعامل الرئيس مع الاجتماعات. ومعظم من قالوا إن أداء بايدن ضعيف كانوا من الجمهوريين، لكن بعض الديمقراطيين قالوا إن التقدم في العمر بدأ يظهر عليه.
قال النائب غريغوري ميكس، وهو ديمقراطي من نيويورك، في إشارة إلى البيت الأبيض: «لقد قالوا لي فقط، كما تعلمون، إنه يجب أن أتصل بك مرة أخرى».
وقال بيتس: «اعتقدنا أنه من المهم تمثيل جميع وجهات النظر» لتصحيح ما وصفها بأنها «ادعاءات كاذبة وذات دوافع سياسية».
وقال البيت الأبيض إن أطباء الرئيس وجدوه لائقاً للخدمة، وإن فحصه الطبي السنوي الأخير لم يظهر أي حاجة لإجراء اختبار إدراكي. وقدم أعضاء إدارة بايدن كثيراً من الأمثلة على المواقف الأخرى التي قالوا إنها أظهرت أن الرئيس كان حاداً ومنخرطاً، بما في ذلك قضاء ساعات طويلة في غرفة العمليات في أبريل (نيسان) أثناء وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، وقضاء ليالٍ متأخرة عبر الجوال مع المشرعين من إدارته. تتشكل تصورات الناخبين حول القدرات العقلية لكلا المرشحين جزئياً من خلال اللقطات والتغطية الإخبارية لزلاتهم العامة.
في 20 مايو (أيار)، خلال حدث أقيم في البيت الأبيض للاحتفال بشهر التراث اليهودي الأميركي، قال بايدن إن أحد الرهائن الأميركيين المحتجزين في غزة كان ضيفاً في حدث بالبيت الأبيض، قبل أن يصحح نفسه. وقبل ذلك بيوم واحد، أشار في إحدى فعاليات الحملة الانتخابية في ديترويت، إلى أنه كان نائباً للرئيس خلال جائحة «كوفيد – 19»، التي بدأت بعد ثلاث سنوات من مغادرته هذا المنصب.
لقد كانت واحدة من الأخطاء الكثيرة في الخطاب الفردي التي دفعت البيت الأبيض إلى إجراء تصحيحات على النص الرسمي. وفي يناير، خلط الرئيس بين اثنين من وزراء حكومته من أصل إسباني، وهما أليخاندرو مايوركاس وكزافييه بيسيرا.
وفي حفل آخر لجمع التبرعات، قال إنه تحدث خلال قمة «مجموعة السبع» لعام 2021 إلى الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران، الذي توفي عام 1996.
من جانبه، خلط الرئيس السابق دونالد ترمب بين نيكي هيلي، المنافس الجمهوري في الانتخابات التمهيدية الرئاسية، ورئيسة مجلس النواب الفخرية النائبة نانسي بيلوسي، الديمقراطية من كاليفورنيا، خلال خطاب ألقاه في يناير. وفي تجمع حاشد في فرجينيا في مارس (آذار)، أشار إلى بايدن باسم الرئيس السابق باراك أوباما عند تعليقه على رأي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القيادة الأميركية. وخلال محاكمته الجنائية في نيويورك في مايو، أغمض عينيه لفترات طويلة. بعد الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. كان هناك الكثير من القلق بشأن الحالة العقلية لترمب لدرجة أن بعض مسؤولي حكومته ناقشوا ما إذا كان ينبغي أن تكون هناك رقابة أكبر على سلطته، وفكر أحدهم على الأقل في تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور ما زالته له من منصبه.
وفي استطلاع أجرته الصحيفة في مارس الماضي، للناخبين في سبع ولايات متأرجحة، قال 28 في المائة فقط إن بايدن أكثر ملاءمة جسدياً وعقلياً للرئاسة، بينما اختار 48 في المائة ترمب. تمت الإضاءة على عمر بايدن في فبراير، عندما أفاد المستشار الخاص روبرت ك. هور، الذي أجرى مقابلة معه لمدة خمس ساعات تقريباً على مدار يومين في أكتوبر (تشرين الأول) أثناء التحقيق في تعامله مع وثائق سرية، أن ذاكرة بايدن كانت «محدودة إلى حد كبير». ورد بايدن في مؤتمر صحافي: «أعرف ما أفعله».
لم يكن لدى الأميركيين سوى القليل من الفرص لرؤية بايدن في لحظات مرتجلة. وبحلول نهاية أبريل، كان قد أجرى مقابلات ومؤتمرات صحافية أقل من أي من أسلافه الجدد، وفقاً للبيانات التي جمعتها مارثا جوينت كومار، الأستاذة الفخرية في جامعة «توسون». وكان آخر اجتماع واسع النطاق له مع وسيلة إخبارية مستقلة في أكتوبر 2021. وتظهر سجلات الزوار أنه عقد عدداً أقل من الاجتماعات الصغيرة مع المشرعين مع انتهاء فترة ولايته. خلال عامه الأول في منصبه، حتى مع القيود الوبائية، عقد أكثر من ثلاثين اجتماعاً لأقل من 20 مشرعاً في البيت الأبيض. وانخفض هذا العدد إلى ما يقرب من عشرين في عامه الثاني، ونحو اثني عشر في عامه الثالث. وقال بيتس، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن المجلس الجديد الذي يسيطر عليه الجمهوريون يقدم فرصاً أقل لرئيس ديمقراطي لدفع تشريعات رئيس