فتح تدعو حماس إلى الانسحاب من المشهد لحماية الوجود الفلسطيني

1

دعت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة حماس السبت إلى التخلي عن السلطة بهدف حماية “الوجود الفلسطيني”، في موقف يهدف إلى تذكير حماس بأن تمسكها بالبقاء في مرحلة ما بعد الحرب سيجلب الكثير من المآسي على الفلسطينيين وكان آخرها القصف الإسرائيلي الذي أودى الثلاثاء بحياة المئات.

لكن حماس لا تنظر إلى الوضع بمقياس مصير المدنيين أو استمرار القصف الإسرائيلي بوتيرة أقوى. ما يهم حماس هو الاستمرار في إظهار تمسكها بالتفاوض كونه المدخل الوحيد للاعتراف ببقائها في المرحلة القادمة بقطع النظر عن الفاتورة التي يدفعها الفلسطينيون وتدفعها الحركة نفسها من خلال خسارة أبرز قادتها المدنيين والعسكريين.

وتريد فتح بهذا التصريح زيادة الضغط على حماس ودعوة الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة للضغط عليها عبر الاحتجاجات. لكن فنح نفسها شريك في ما وصلت إليه الوضعية في غزة بسبب الصراع على السلطة مع حماس من ناحية ورفض إدخال إصلاحات على المؤسسات الفلسطينية وهياكل فتح نفسها للسماح بكادر جديد متحرر من الرغبة في الحكم.

الحوثي: استهدفنا مطار بن جوريون واشتبكنا مع حاملة طائرات أمريكية بالبحر الأحمر

ودعا الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة منذر الحايك “حماس إلى أن تغادر المشهد الحكومي، وأن تُدرك تماما أن المعركة القادمة هي إنهاء الوجود الفلسطيني”. وقال لفرانس برس “على حركة حماس أن ترفق بغزة وأطفالها ونسائها ورجالها، ونحذر من أيام ثقيلة وقاسية وصعبة قادمة على سكان القطاع”. وكانت حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، سيطرت على قطاع غزة عام 2007 بعد إجبار حركة فتح على الخروج من القطاع.

واستأنفت إسرائيل قصفها المكثف لغزة الثلاثاء، مشيرة إلى الجمود في المفاوضات غير المباشرة بشأن الخطوات التالية في الهدنة بعد انتهاء مرحلتها الأولى في وقت سابق من هذا الشهر. ولا يزال 58 رهينة من أصل 251 خطفوا خلال هجوم حماس محتجزين في غزة بينهم 34 أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا.

وفي مسعى للتخفيف من الضغوط الداخلية والخارجية عليها، وخاصة الدعوات إلى مراعاة حياة الغزيين وأمنهم، قالت حماس، السبت، إن الاتصالات “لم تتوقف” مع الوسطاء بشأن إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى. وأضاف متحدث الحركة عبداللطيف القانوع، في بيان “مقترح (المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف) ويتكوف، وبعض الأفكار تتم مناقشتها مع الوسطاء والاتصالات لم تتوقف لإتمام الاتفاق”.

لكن مقترح ويتكوف تم إنهاؤه قبل البدء به بعد الهجمات الإسرائيلية التي تمت بضوء أخضر أميركي، ويفترض أن تعلن حماس عن وقف التفاوض احتجاجا على القصف والدعم الأميركي لإسرائيل، لكن الذي حصل هو العكس تماما، حيث تعمل الحركة ما في وسعها للإقناع بوجود مفاوضات رغم التغاضي الإسرائيلي والتهديدات الأميركية.

وفي 13 مارس الجاري، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ويتكوف قدم مقترحا يقضي بإطلاق 5 أسرى إسرائيليين مقابل 50 يوما من وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون إسرائيل، وإدخال مساعدات إنسانية، والدخول في مفاوضات المرحلة الثانية. وأعلنت حماس، في اليوم التالي، موافقتها على مقترح قدمه الوسطاء يتضمن إطلاق جندي إسرائيلي ـ أميركي وتسليم 4 جثامين لمزدوجي الجنسية، في إطار استئناف مفاوضات المرحلة الثانية.

وجدد القانوع تأكيد حركته أن “معطل الاتفاق هو (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو،” لافتا إلى أن الرجوع “لتنفيذ الاتفاق سيكون منوطا بموقفه الذي يقدم بقاء حياة حكومته على حياة الأسرى (بغزة).” وأكد جاهزية حماس لـ”أي ترتيبات بشأن إدارة قطاع غزة” على أن تحظى بـ”التوافق”، مشددا على أن الحركة ليست معنية لأن تكون جزءا من أيّ ترتيبات إدارية.

وتابع أن حماس وافقت في وقت سابق على “تشكيل لجنة إسناد مجتمعي في غزة لا تتضمن الحركة،” مضيفا “لا طموح لدينا لإدارة غزة وما يعنينا التوافق الوطني ونحن ملتزمون بمخرجاته.” وندد القانوع باستئناف إسرائيل حرب إبادتها على قطاع غزة قائلا إنه جاء بـ”غطاء أميركي”، داعيا الولايات المتحدة إلى ممارسة الضغط على تل أبيب للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار وعدم التحول لتكون “طرفا”.

وعلى الجانب الآخر، يهتم الإسرائيليون بالمعادلات الداخلية أكثر من السعي وراء المفاوضات، ومن بين هذه القضايا معرفة تفاصيل ما جرى في السابع من أكتوبر 2023. وقال الجيش الإسرائيلي السبت إن رئيس الأركان عيّن فريقا من كبار ضباط الاحتياط لمراجعة واستخلاص النتائج من التحقيقات في الهجمات التي قادتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وفي ظل البرود الذي يهيمن على المفاوضات، تفتح حماس بين الفينة الأخرى بابا للتقارب مع تركيا. واستقبل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وفدا من حركة حماس برئاسة عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية.

وأفادت مصادر دبلوماسية لوكالة أنباء الأناضول التركية، بأن اللقاء جرى السبت، دون ذكر تفاصيل حول فحوى المحادثات. ويأتي اللقاء بين الجانبين بعد اتصال هاتفي أجراه فيدان مع الحية، يوم الأربعاء الماضي، لبحث الوضع في غزة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساء السبت “نقوم بجهود دبلوماسية مكثفة لإعادة إرساء وقف إطلاق النار وإنهاء المجازر (في غزة).” ولا يعرف أي نتائج للتحركات التركية على هذا المستوى بالرغم من تتالي اللقاءات مع حماس وكذلك التصريحات عن دور ضاغط لوقف الحرب.