فرع تلو الآخر.. الحرب في غزة قضت على عائلات بأكملها
9 أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كانت كفيلة بمحو عائلات بأكملها.
هذا ما خصل إليه تحليل معمق لـ 10 غارات فقط على القطاع غزة بين أكتوبر الماضي وديسمبر، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص. فقد بين تحديد للمواقع الجغرافية التي طالتها الضربات، فضلا عن تحليل لمحققي أسلحة ومحللي البيانات المفتوحة وخبراء قانونيين، بالإضافة إلى بيانات منظمة “إير وورز”، وهي منظمة تعنى بمراقبة الصراعات ومقرها في لندن، أن تلك الغارات استهدفت العديد من المباني السكنية والملاجئ التي كانت تضم عائلات بأكملها داخلها، ولم يكن بينها أي هدف عسكري واضح أو تحذير مباشر لأولئك المتواجدين بالداخل، حسب ما نقلت وكالة “أسوشييتد برس”.
بل في إحدى هذه الحالات، أكدت عائلة أنها رفعت راية بيضاء على مبناها دون جدوى.
عائلة الآغا..31 قتيلا
وفي 11 أكتوبر، دمرت غارة جوية منزل أمين الآغا غربي خان يونس، بينما كان المسن البالغ من العمر 61 عاما نائما في الطابق الأرضي مع زوجته وأبنائه الثلاثة.
فيما كان ابنه مهند يقطن في الطابق العلوي مع زوجته هند وابنتيهما تالين (عامان) وأسيل (عام واحد).
فأسفرت الغارة عن مقتل 11 فردا من العائلة، بينهم اثنان من أبناء عمومتهم، في مبنى مجاور.
كذلك صبيحة يوم 14 أكتوبر، أصابت قنبلة إسرائيلية منزل خميس الآغا، وهو موظف في مؤسسة خيرية مرتبطة بحركة حماس، ليتحول المبنى المكون من ثلاثة طوابق في وسط خان يونس إلى أنقاض. وكان من بين القتلى خميس (38 عاما)، وزوجته نسرين، وولدان يبلغان من العمر 11 و13 عاما، وابنتان تبلغان من العمر 8 و6 أعوام، وشقيقه الأصغر وابنه البالغ من العمر 9 سنوات، وابنة عمه وابنها. في حين لم تنج سوى زوجة الأخ.
وفي 14 نوفمبر أيضا أصاب صاروخ منزل عوني الأغا، وهو ابن عم خميس، ليدمر المبنى المكون من ثلاثة طوابق غربي خان يونس. وأسفرت الضربة عن مقتل زوجة عوني، سامية (64 عاما)، وأبناؤه الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 42 و26 عاما، وابنته (رامة 41 عاما)، وزوجها وابنيهما اللذين تتراوح أعمارهم بين 18 و16 عاما.
في حين نجا عوني، وهو مسؤول بوزارة التعليم، لأنه استيقظ لصلاة الفجر. لكنه توفي بعد ثلاثة أشهر، في فبراير عن عمر ناهز 69 عاما، على الأرجح بسبب الحزن على فقد عائلته، كما قال جاسر الأغا.
مقتل أجيال
وفي هذا الصدد، أشارت إميلي تريب، مديرة منظمة “إير وورز”، إن محققيها واجهوا صعوبة في التعامل مع مقتل أجيال من عائلات بأكملها، مضيفة “في بعض الأحيان كان علينا إنشاء شجرة عائلية لفهم الضرر المدني”.
لكن عائلة الأغا ليست وحيدة، فالمأساة عينها وقعت لعائلة دغمس. ففي 15 نوفمبر استهدفت غارة إسرائيلية مسجدا في حي الصبرة بمدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 44 شخصا على الأقل من عائلة دغمش، بينهم رب الأسرة وطفل يبلغ من العمر 9 سنوات وعدد من قادة المجتمع وامرأتان من ذويهم في مبنى مجاور.
فيا نفى رجب دغمش، الذي يبلغ من العمر 21 عاما، انتماءه لأي فصيل مسلح، مؤكدا أن أسرته لا تسمح بأي نشاط مسلح في حيها.
الخلاف بين عائلة دغمش وحماس، الذي يعود تاريخه إلى استيلاء الحركة على السلطة عام 2007، أدى إلى إبقاء المنطقة محظورة إلى حد بعيد على مسلحي حماس.
عائلة سالم.. 173 قتيلا
كذلك الحال مع عائلة سالم، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية ملجأين منفصلين للعائلة في 11 و19 ديسمبر. وقتل ما لا يقل عن 173 فردا من أفرادها، بينهم أطفال وامرأة حامل واحدة على الأقل والعديد من كبار السن، بينهم رب الأسرة البالغ من العمر 87 عاما.
في حين أكد عدد من الأقرباء أنه لم تكن هناك أنشطة قتالية واضحة في الجوار.
من جهته، شدد رشيد الخالدي، المؤرخ الفلسطيني – الأميركي في جامعة كولومبيا، على أن هذه الحرب أكثر فتكا من نكبة عام 1948، التي قتل فيها 20 ألف شخص. وأضاف “لا أعتقد أن التاريخ الفلسطيني الحديث شهد أمرا مماثلا”.
وكانت العديد من المنظمات الإنسانية والأممية أكدت أن جرائم حرب ارتكبت في القطاع، كما تحدثت العديد من الدول الغربية عن إبادة جماعية.
في المقابل رفضت إسرائيل كل تلك “الاتهامات” كما وصفتها، لكنها في بعض الحالات أشارت إلى أنها ستفتح تحقيقاً، لكن أي تحقيق لم يصل حتى الآن إلى محاسبة أي متورطين.
9