نقدم لكم نص كلمة الرئيس التونسي لتجميد المجلس النيابي وإعفاء هشام المشيشي من رئاسة
الحكومة التونسية، والتي تم بثها على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية:
«شاء الله وشاءت الأقدار وشاء التاريخ في هذا اليوم الذي نحتفل فيه بذكرى إعلان الجمهورية، أن
نتخذ جملة من التدابير الاستثنائية التي يقتضيها الوضع في تونس، تلاحظون دون شك أن عديد
المناطق العمومية تتهاوى، وهناك عمليات حرق ونهب، وهناك من يستعد الآن لدفع الأموال
في بعض الأحياء للاقتتال الداخلي.
إن المسؤولية التي نتحملها وتتحملونها معي، تقتضي منا عملا بأحكام الدستور، اتخاذ تدابير يقتضيها
هذا الوضع، لإنقاذ تونس، لإنقاذ الدولة التونسية وإنقاذ المجتمع التونسي.
نحن نمر بأدق اللحظات في تاريخ تونس، بل بأخطر اللحظات، ولا مجال لأن نترك لأحد أن يعبث بالدولة،
وبمقدراتها، وأن يعبث بالأرواح والأموال، وأن يتصرف في الدولة التونسية كأنها ملكه الخاص.
بعد أن تم التشاور عملا بأحكام الفصل الـ 80 من الدستور، مع رئيس الحكومة ومع رئيس المجلس
النيابي، اتخذت جملة من القرارات التي سيتم تطبيقها فورًا:
القرار الأول:
القرار الأول الذي اتخذته وكان يفترض أن أتخذه منذ أشهر، ويتعلق بما يجري في المجلس النيابي،
ويتمثل في تجميد كل اختصاصات المجلس النيابي، فالدستور لا يسمح بحله، ولكن لا يقف مانعا
أمام تجميد كل أعماله.
القرار الثاني:
رفع الحصانة عن كل أعضاء المجلس النيابي، ومن تعلقت به قضية، سأتولى من بين القرارات
التي اتخذتها رئاسة النيابة العمومية، حتى تتحرك في إطار القانون، لا أن تسكت عن جرائم
ترتكب في حق تونس، ويتم إخفاء جملة من الملفات في أضابير وزارة العدل، أو في ملفات
المجلس النيابي.
القرار الثالث:
يتمثل في تولي رئيس الدولة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويعينه
رئيس الجمهورية.
نحن هنا اتخذنا هذه القرارات وسوف تصدر جملة من القرارات الأخرى في شكل مراسيم، كما ينص
على ذلك الدستور، حتى يعود السلم الاجتماعي لتونس، وحتى ننقذ الدولة، وحتى ننقذ المجتمع.
هناك نص سيصدر بعد قليل ويطبق فورا:
إعفاء رئيس الحكومة ودعوة شخص آخر ليتولاها مدة هذه التدابير التي يجب اتخاذها.
رئيس الحكومة يتولى إدارة الحكومة، وهو مسؤول أمام رئيس الجمهورية، ورئيس الجمهورية
هو الذي يتولى تعيين أعضاء الحكومة، باقتراح من رئيس الحكومة.
رئيس الحكومة يرأس مجلس الوزراء إذا دعاه رئيس الدولة إلى ذلك، لأن مجلس الوزراء سيتولى
رئيس الجمهورية ترؤسه.
إذن ليس تعليقا للدستور، وليس خروجا على الشرعية الدستورية، نحن نعمل في إطار القانون، ولكن
إذا تحول القانون إلى أداة لتصفية الحسابات، وإذا تحول القانون إلى أداة لتمكين اللصوص الذين
نهبوا أموال الدولة وأموال الشعب المفقر، إذا كانت هذه النصوص بهذا الشكل، فهي ليست
بالقوانين التي تعبر عن إرادة الشعب، بل هي أدوات للسطو على إرادة الشعب.
نحن هنا نتحمل مسؤوليتنا أمام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ، وأنبه الكثيرين الذين يحاولون التسلل أو اللجوم إلى السلاح، فلن نسكت أبدا عن أي شخص يتطاول على الدولة، ولا على رموزها، ومن يطلق رصاصة واحدة ستجابهه قواتنا المسلحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصاص الذي لا يحده إحصاء.
لم نكن نريد أن نلجأ إلى هذه التدابير، بالرغم من أن شروطها الدستورية كانت متوفرة، لم نشأ أن نلجأ إليها، لأننا تعاملنا بصدق وأمانة وبإخلاص، ولكن في المقابل هناك كثيرون للأسف شيمهم النفاق، والغدر، والسطو على حقوق الشعب التونسي، الشعب التونسي اليوم يواصل ثورته في ظل الشرعية، وسنعمل على تطبيق القانون على الجميع، على قدم المساواة، ولا فضل لأحد على أحد، لا بثروته ولا بمكانته، كل الناس سواء أمام القانون، وما أقوله الآن هو في نطاق القانون، ولا يمكن أن أقف صامتا ملاحظا لما يجري، بل يجب أن أتحمل المسؤولية وقد تحملتها.
يجب أن أكون في مستوى آمال الشعب، إما أنك مع الشعب، وإما إنك في الصف المقابل ضده.
وهناك إجراءات أخرى سيتم اتخاذها تباعا، بحسب تطور الأوضاع، لا نريد أن تسيل الدماء، وأنبه لمن يعدون أنفسهم هذه الليلة ويوزعون الأموال في بعض الأحياء للحرق وللنهب بأن القانون فوق الجميع، وسيطبق عليهم.