مؤمنة أسعد تكتب : قيامة
عروسٌ تَطبعُ حُمرَتَها دماءً على خدِّ شريكِها.
يدُ أبٍ باردةٌ تدفئُها ابنتُه بعبرَاتِها وأنفاسِها المرتجفةِ.
دخانٌ ونارٌ، رعبٌ يملأُ المنازلَ والشّوارعَ، يصطبغُ كلُّ شيءٍ بلونِ الموتِ..
أرواحٌ بصقَتها الحياةُ على أرصفةِ الطريقِ، وأخرى قبّلَ ملامحَها الموتُ لترتمي على هامشِ الحياةِ مشوّهةً.
أمٌّ تحتوي صغيرَها بيدٍ مبتورة، تُغلقُ أذنيه النديّتينِ عن سماعِ المزيدِ.
صُراخاتٌ تُفتِتُّ ما بقيَ من خُبزِ النّجاةِ، فلا يسمعُ لأنينِها سوى طيرٍ عابرٍ مُصابَ الجناحين.
عندَ أشلاءٍ اختارها الموتُ ضحيةً وأرواحٍ تُناشدُ الإلهَ للبقاءِ على قيدِ الحياةِ، تقفُ الطِّفلةُ المُدلّلةُ عاجزةً أمامَ جسدِ والدتِها المُغتالِ بالزّجاجِ.
إبنُ العشرينَ شابَ في يومٍ وليلةٍ، والطّفلُ في ظنّهِ أنَّ لُعبةَ الغمّيضةِ لم تنتهِ بعدُ فاستمرَّ بالبحثِ عن والدتِه بينَ أطنانِ الرُكامِ.
قطةٌ لم تكترثْ لفرصتِها في الظّفرِ بعشاءٍ، تهزُّ أطفالَها، تتحسّسُهُم، تموءُ بجانبهِم وتستلقي مُمهّدةً لروحِها الارتقاءَ.
حمامةٌ تبحثُ عن دروبِ السّلامِ لتَحِلَّ بها، لم يقتلْها الدّمارُ ولم يمزّقْها الزّجاجُ، إغتالتْها وعودُهمُ الكاذبةُ وسلامُهمُ المزيّفُ وارتمتْ في مثواها الأخيرِ في سلّةِ النُّفاياتِ.
رائحةُ دماءٍ وأشلاءٍ من كلِّ حدَبٍ وصوبٍ، بكاءُ أرملةٍ وأدعيةُ أمٍّ ثكلى تزيدُ رُعبَ المكانِ إيماناً ورهبةً، وأنا أمام قلمي الّذي يعجزُ عن محوِ تلكَ الثّغرةَ، أصمُّ عن كلِّ صورةٍ تُلبَسُ للوطنِ تزييفاً، أبكمُ عند إجبارِه على الكُفرِ بالانسانيةِ، متمرّدٌ على كلِّ ترتيلةٍ تقولُ “كلُّنا للوطنِ كلُّنا للعلمِ” فلمْ نعدْ كلَّنا للوطنِ، كلُّنا للحياةِ ولمشروعِ اغتيالٍ مؤجّلٍ،
والعلمُ يُزيّنُ نعوشَ الأبطالِ ويُدفنُ معَ جُثثِهِم.
للرابعِ من آب..نحنُ ضحيةٌ تنتفّسُ حتّى إشعارٍ آخرِ..