كامالا هاريس: رهان الديمقراطيين الجديد في سباق البيت الأبيض”

22

في تحول مفاجئ للمشهد السياسي الأمريكي ، برزت كامالا هاريس كمرشحة محتملة لخلافة جو بايدن في السباق الرئاسي القادم .. هذا التطور يعيد تشكيل المعادلة السياسية ويفتح آفاقا جديدة للحزب الديمقراطي.

تمثل هاريس بصفتها امرأة من أصول أفريقية وآسيوية تجسيدا للتنوع الذي يفخر به الحزب الديمقراطي .. اختيارها ليس مجرد قرار سياسي ، بل رسالة قوية لقاعدة الحزب الشعبية .. فهي تمثل صوت الأقليات والنساء وهي الفئات التي تشكل عمود الحزب الفقري.

لكن التحدي الأكبر أمام هاريس يكمن في قدرتها على توحيد الحزب وراءها .. فبينما يرى البعض في ترشيحها فرصة لتجديد دماء الحزب ، يتساءل آخرون عن مدى اختلاف سياساتها عن سلفها ، خاصة في القضايا الحساسة مثل الصراع في غزة.

في هذا السياق بدأت هاريس بالفعل في رسم ملامح نهج مختلف .. فقد أظهرت تعاطفا أكبر مع معاناة الفلسطينيين مستخدمة لغة أكثر إنسانية في وصف الوضع في غزة. في خطابها الأخير في ولاية ألاباما ، وصفت الوضع بأنه “مدمر” و”كارثة إنسانية واضحة”، مؤكدة أن “إنسانيتنا المشتركة تجبرنا على التحرك”.

هذا النهج قد يساعدها في استعادة ثقة الشباب الديمقراطي الذي أظهرت استطلاعات الرأي عدم رضاه عن تعامل إدارة بايدن مع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني .. لكنه في الوقت نفسه قد يضعها في موقف صعب مع المؤيدين التقليديين لإسرائيل داخل الحزب.

تواجه هاريس أيضا تحديا آخر يتمثل في اختيار نائب الرئيس .. فبينما قد يبدو اختيار شخصية مثل جوش شابيرو ، حاكم ولاية بنسلفانيا المؤيد بقوة لإسرائيل، مفيدا في ولاية متأرجحة ، إلا أنه قد يضر بفرصها في ولايات أخرى مثل ميتشيجان ذات الكثافة العربية الأمريكية العالية.

في النهاية، يبدو أن نجاح هاريس سيعتمد على قدرتها على الموازنة بين مختلف التيارات داخل الحزب الديمقراطي. عليها أن تقدم رؤية جديدة تلبي تطلعات الشباب والأقليات دون أن تنفر الناخبين التقليديين للحزب.

مع اقتراب موعد الانتخابات ، ستكون الأنظار مسلطة على هاريس لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من تحقيق هذه المعادلة الصعبة وقيادة الحزب الديمقراطي إلى نصر انتخابي جديد. في كل الأحوال، يبدو أن المشهد السياسي الأمريكي مقبل على فترة مثيرة ومليئة بالتحديات.

شحاته زكريا
باحث في علوم السياسة والاقتصاد
متخصص في تحليل المشهد السياسي