كلمة ليندا توماس غرينفيلد في مجلس الأمن حول سوريا

136

اسمحوا لي أن أبدأ بتوجيه الشكر لك، أيها المبعوث الخاص بيدرسن، على تقييمك الشامل وتوصياتك. نحن نشجّع وندعم جهودكم المستمرة نحو الحلول الإبداعية التي من شأنها إنهاء الأزمة الحالية في سوريا. والشكر موصول أيضا للسيد دحيم على آرائك وعلى كل العمل الذي تقوم به لمساعدة أسر أولئك الذين تمّ اعتقالهم أو اختفائهم.

في مثل هذا اليوم قبل 10 سنوات بالضبط، خرج الشعب السوري بسلام إلى الشوارع. وردّدوا هتافات تطالب بالحرية ورفعوا صور الأصدقاء والأقارب المحتجزين، داعين إلى وضع حد للفساد الحكومي ومطالبين بأن تحترم الحكومة حقوق الإنسان الخاصة بهم، يحدوهم الأمل وهم ينشدون الأناشيد متضامين.

ولكن ما الردّ الذي تلقّوه؟ لقد ردّ نظام الأسد بالعنف.

وكما لاحظ الأمين العام مؤخرًا، وأقتبس منه، “وضع القمع العنيف للمظاهرات الشعبية السلمية في سوريا البلاد على طريق حرب مروعة”.

والآن، طوال عقد كامل، عانى الشعب السوري ما لا يمكن تصوره. عقد كامل من القمع العنيف؛ عقد كامل من الإرهاب؛ عقد كامل من الحرب الأهلية الوحشية.

تخيل أنك طفل في العاشرة من عمره في سوريا لم يسبق له أن عاش حياة خالية من الصراع، ولعلّ أحد والدَيك قد قضى في هجوم بالأسلحة الكيماوية أو في غارات جوية روسية، أو أنه كان واحدا من الـ 500 ألف شخص الذين قضوا على يد نظام الأسد الوحشي، ولعلّ بعض أقاربك تعرض للتعذيب والاختفاء. إذن ستكون واحدا من 13 مليون سوري أجبروا على الفرار من ديارهم.

أنت هزيل، ومن المحتمل أنك تعاني من سوء التغذية. لا ترى إلا الحزن في عيون والديك. ترى الدبابات في الشوارع، تبحث عن القناصين على أسطح المنازل. أنت بالكاد قادر على البقاء على قيد الحياة. عمرك 10 سنوات ولم تعرف سوى الحرب.

لا بدّ، من أجل هذا الطفل والعديد من الأطفال الآخرين، أن نسمح للعاملين في المجال الإنساني من القيام بوظائفهم وتمكينهم من أجل إنقاذ حياة الناس.

الولايات المتحدة ترى أن قرار مجلس الأمن الدولي في يوليو بتجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود أمر هام، ولكنها تبحث عن تعزيزه وتوسيعه، وهو الأمر الذي لا غنى عنه لضمان إيصال الغذاء والدواء ولقاحات كوفيد-19 وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة إلى سوريا.

وكما قال الأمين العام الأسبوع الماضي، فثمّة “حاجة ماسة لوصول المزيد من المساعدات الإنسانية، ومن الضروري أن تكثّف عمليات التسليم عبر الخطوط وعبر الحدود للوصول إلى جميع المحتاجين في كل مكان.” ونحن ندرك بوضوح تام أن المساعدات عبر الخطوط لا يمكن أن تصل وحدها إلى جميع المحتاجين.

سيكون من غير الإنساني وغير المعقول أن يوقف مجلس الأمن قدرة الأمم المتحدة على إيصال المساعدات لجميع السوريين، ولذلك فإننا ندعو أعضاء مجلس الأمن إلى دعم هذه الآلية المهمة، وهي شريان حياة أكثر أهمية خلال وباء كوفيد -19.

أما في سبيل وضع حدّ دائم لهذه المعاناة، فالولايات المتحدة تظلّ ملتزمة بتحقيق حلّ سياسي للصراع السوري، وفقًا للمعايير المحددة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. إننا ندعم بشدة جهود المبعوث الخاص بيدرسن الهادفة إلى تعزيز والمضي قدماً نحو تسوية سياسية.

هناك سبب واحد لا شريك له يمنعنا من تفعيل هذا الحلّ للأزمة، ألا وهو رفض نظام الأسد الانخراط بحسن نية. لم يتخذ النظام خطوة واحدة من شأنها أن ترسي الأساس للسلام.

ولذلك فإننا ندعو روسيا للضغط على نظام الأسد للتخلي عن المماطلة، فقد آن الأوان لكي يعالج النظام السبب الجذري للنزاع: المطلب الأساسي لجميع السوريين للعيش بكرامة، بدون تعذيب وسوء المعاملة والاحتجاز التعسفي.

وأودّ أن أطلب من المجتمع الدولي ألا تغشي الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة عيونه، فهي لن تكون انتخابات حرّة ولا نزيهة. وهي لن تضفي الشرعية على نظام الأسد/ فهي لا تفي بالمعايير المنصوص عليها في القرار 2254 – بما في ذلك إشراف الأمم المتحدة عليها أو إجراؤها وفقًا لدستور جديد.

بدلاً من المماطلة وتشتيت الانتباه، يتعيّن على نظام الأسد الإفراج عن أولئك الذين تمّ اعتقالهم بشكل تعسفي، وبخاصة النساء والأطفال وكبار السن.

في الثاني من آذار/مارس، حضرتُ ندوة رفيعة المستوى في الجمعية العامة حيث سمعت قصص أولئك الذين تمّ اعتقالهم، حيث وصفت إحدى المتحدّثات، واسمها وفاء مصطفى، الرعب الذي انتباها أثناء حجزها في مركز احتجاز يديره النظام، عندما كانت تبلغ من العمر 21 عامًا فقط.

ولا تزال وفاء إلى اليوم تبحث عن والدها، وهو واحد من بين أكثر من مئة الف شخص تم اعتقالهم بشكل تعسفي وإخفاءهم قسريا من قبل نظام الأسد.

لذا، أطلب اليوم من المبعوث الخاص تقديم معلومات عن جهوده لتحديد مكان المحتجزين والإفراج عنهم، كما وتطلب الولايات المتحدة من المبعوث الخاص مواصلة تعزيز الجهود في جنيف للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، بما في ذلك المساعدة في تحديد مكان الأمريكيين المفقودين في سوريا مثل أوستن تايس ومجد كم الماز وضمان عودتهم إلى بلدهم.

نأمل أن نرى زيادة في مشاركة موظفي الأمم المتحدة بشكل مباشر وأكثر انتظامًا مع عائلات المحتجزين والمحتجزين السابقين أنفسهم وممثلي المجتمع المدني.

المبعوث الخاص بيدرسن، أطلب منك تقديم معلومات حول جهودك لتحديد مكان المحتجزين والإفراج عنهم، وآرائك حول كيفية مساعدة مجلس الأمن.

لقد حان الوقت لتحقيق تقّدم في إيجاد حلّ سياسي حقيقي، لأن الشعب السوري يستحقّ التقدم والكرامة. إنهم يستحقون مستقبلًا آمنًا ومستقرًا ومفعمًا بالأمل. وكما قلت من قبل، لا يمكن أن يأتي العام القادم والحال في سوريا على ما هو عليه الآن.