كيف يبدو اقتصاد أميركا قبل الانتخابات؟

0

مع خروجه من السباق الرئاسي، مهد الرئيس الأميركي جو بايدن الطريق لخليفته الديمقراطية للإجابة عن أسئلة تتعلق بتعافي الاقتصاد في البلاد بعد الوباء.

في بيانه الذي نشر بعد ظهر الأحد الماضي، أشاد بايدن بالسياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارته. وكتب: “اليوم، تمتلك أميركا أقوى اقتصاد في العالم”، مضيفاً: “لقد تغلبنا على أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الأعظم”.

وفي حين تبدو التوقعات الاقتصادية أكثر تفاؤلاً إلى حد ما من تلك التي ورثها بايدن في العام 2021، فإن الاقتصاد لا يزال يواجه مزيجاً من التحديات، وسيتعين على المرشح الديمقراطي الجديد أن يتنقل في مشهد محفوف بالمخاطر قبل انتخابات نوفمبر، بحسب تقرير لشبكة “سي إن إن”.

لا تزال سوق العمل مستقرة بشكل مطمئن، حتى مع تباطؤ مكاسب الوظائف بشكل متواضع في الشهر الماضي. فقد  أضاف الاقتصاد الأميركي 206 ألف وظيفة في يونيو، وفقاً لتقرير مكتب إحصاءات العمل في الخامس من يوليو، وهو انخفاض طفيف عن حصيلة مايو التي بلغت 215 ألف وظيفة .

لا يزال الاقتصاد قوياً تاريخياً، فقد سجل شهر يونيو الشهر الثاني والأربعين على التوالي من نمو الوظائف في الاقتصاد، وهو خامس أطول توسع في التوظيف على الإطلاق.

ارتفع معدل البطالة قليلاً، بنسبة 0.1 نقطة مئوية إلى 4.1 بالمئة. وكانت هذه هي المرة الأولى منذ نوفمبر 2021 التي يتجاوز فيها معدل البطالة 4 بالمئة، كما أنها الشهر الثالث على التوالي الذي يرتفع فيه معدل البطالة.

وانكمشت فرص العمل، رغم أنها لا تزال أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، وظل الأميركيون عاطلين عن العمل لفترة أطول. وأظهرت  بيانات مكتب إحصاءات العمل أن متوسط ​​مدة البطالة  ارتفع إلى 9.8 أسابيع من 8.9 أسابيع وهبط إلى مستوى لم نشهده منذ يناير.

في حين أن خبراء الاقتصاد غير قلقين للغاية بشأن معدل البطالة الحالي، فإن الزيادات اللاحقة مع اقتراب الانتخابات قد تثير بعض القلق.

أسعار الفائدة تظل مرتفعة

وأشار تقرير الوظائف لشهر يونيو أيضاً إلى أن نمو الأجور يتباطأ، مع ارتفاع متوسط ​​الأجر بالساعة بنسبة 0.3 بالمئة خلال الشهر وتباطأ إلى مكسب قدره 3.9 بالمئة على أساس سنوي، وهو أدنى معدل له في ثلاث سنوات.

وبحسب التقرير، فإن تباطؤ الأجور قد يساعد في تمهيد الطريق أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي للبدء في خفض أسعار الفائدة ــ إذا كان هذا من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى تباطؤ التضخم. والواقع أن النمو القوي للأجور قد يفرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار، ولكن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي قالوا إنهم يركزون في المقام الأول على مقاييس التضخم لمعرفة ما إذا كانت زيادات الأسعار تحت السيطرة أم لا.

في مارس 2022، أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي حملة قوية لرفع أسعار الفائدة في محاولة لدرء الركود الوشيك وسط ارتفاع التضخم بعد الجائحة. ولكن على الرغم من أن “الهبوط الناعم” المرغوب فيه يبدو مرجحاً بشكل متزايد، حيث يعمل البنك المركزي على ضبط التضخم دون التسبب في ركود أو بطالة جماعية، إلا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان مترددًا في خفض أسعار الفائدة.

وفي أعقاب اجتماع عقد في يونيو، أعلن البنك المركزي أنه سيبقي على سعر الفائدة القياسي للإقراض عند مستواه الحالي للمرة السابعة على التوالي، محافظا على أعلى مستوى في 23 عاما والذي كان هو القاعدة منذ أغسطس الماضي.

وفرضت أسعار الفائدة المرتفعة تاريخياً ضغوطاً هائلة على تكاليف المعيشة لدى الأميركيين، حيث تؤثر على كل شيء بدءاً من أسعار الرهن العقاري إلى قروض السيارات. ورغم أن متوسط ​​أسعار الرهن العقاري القياسي الثابت لمدة 30 عاماً انخفض هذا العام، إلا أنه لا يزال أعلى كثيراً من 6 بالمئة. ومن المتوقع أن تنخفض تكاليف الاقتراض بحلول نهاية العام، ولكن قد لا يكون ذلك بفارق كبير.

التضخم يتحسن بشكل مؤقت

إلى جانب أسعار الفائدة، كان التضخم أيضاً مصدر قلق مالي كبير بالنسبة للأميركيين طوال فترة بايدن، حيث أدت ضغوط عصر الوباء على سلاسل التوريد العالمية ورفع الأسعار من قبل تجار التجزئة إلى دفع الأسعار إلى الارتفاع أكثر فأكثر منذ عام 2021.

لا تزال معدلات التضخم بعيدة كل البعد عن ذروة عصر الوباء التي بلغتها في يونيو 2022، عندما  بلغ التضخم في الولايات المتحدة 9.1 بالمئة، وهو أعلى معدل سنوي له منذ أكثر من 40 عامًا . اعتبارًا من الشهر الماضي، بلغ التضخم السنوي 3 بالمئة، انخفاضًا من 3.3 بالمئة في مايو، وفقًا لمؤشر أسعار المستهلك.

وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل أن انخفاض أسعار الغاز، فضلاً عن انخفاض أسعار السيارات الجديدة والمستعملة، ساعد في تسجيل أول انخفاض شهري منذ مايو 2020. وعلى أساس سنوي، ترتفع أسعار المستهلك بأبطأ وتيرة لها منذ يونيو 2023، وهو ما يطابق أدنى معدل سنوي منذ أوائل عام 2021.

وعلى الرغم من التحسن، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تظهر هذه النقاط من البيانات تأثيراً ملموساً على محافظ المستهلكين، حيث تظل نفقات الحياة باهظة التكلفة إلى حد كبير بالنسبة لعديد من الذين أرهقتهم الأسعار المرتفعة باستمرار على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ومن المرجح أيضا أن يرغب بنك الاحتياطي الفيدرالي في رؤية نمط أكثر اتساقا من تباطؤ التضخم وإشارات أكثر وضوحا على أن التضخم يتجه نحو هدف البنك البالغ 2 بالمئة قبل تخفيف أسعار الفائدة.