لمياء ابن احساين تكتب : الأمة والغمة في القمة
انعقدت القمة في الدوحة تحت مسمى القمة العربية الإسلامية أو (القطرية العربية الإسلامية التميمية) برئاسة
الأمير تميم المعروف عليه عدم حضوره للقمم السابقة أو مغادرته قبل إلقاء كلمته.
انعقدت هذه المرة في ظل احتقان إقليمي حاد لم تعرف المنطقة شبيها له منذ احتلال العراق للكويت، حرب
مستمرة على غزة في ظل تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي واستمراره في مشروعه التوسعي بإخلاءقطاع
غزة من ساكنيها،وتداعيات الضربة الجوية التي استهدفت مسؤولين من حركة حماس داخل قطروتصاعد
التوتر بين دول خليجية وإسرائيل حول حدود التطبيع وماإذا كانت قواعد اللعبة قد تغيرت.
كل هذه التطورات حددت مشهد أو إيقاع القمة وجعلها في موقع الدفاع عن سيادة دولة مضيفة تعرضت لعمل
عسكري مباشرعلى أراضيها.
في كل قمة تتكررصورة القادة مجتمعين تحت سقف قاعة مكيفة يلتقطون الصورلكن خلف هذه الصورة مجموعة من الأسئلة المحرجة؟
أولها هل يملك هؤلاء القادة إرادة سياسية فعلية لتحويل بيانات التضامن التي كتبت قبل انعقاد القمة إلى
إجراءات؟ وهل تستطيع منظمة التعاون الإسلامي والعواصم العربية أن تفعل أكثر من الإدانة والخطابات
التقليدية؟ وهل تغير قطر حساباتها وعدم اللعب على كل الحبال؟
في الدوحة تحول السؤال إلى مسألة سيادية مباشرة بعدما اعتبر استهداف الحمساويين هجوما على الأرض
القطرية وضرب لدور الوساطة الذي تلعبه الدوحة منذ سنوات في ملفات الأسرى والتهدئة باعتبارها الصديقة
وصاحبة قاعدة العديد الأمريكية التي أنشأت بتمويل منها تجاوزالملياردولاروالتي تصرف عليه 12 مليون
دولارسنويا خدمة لأزيد من 13 ألاف جندي أمريكي بالإضافة إلى قوات بريطانيا واستراليا.
اللافت في الضربة الإسرائيلية أنها أصابت بعض عناصر الصفوف المتوسطة بينما نجا كبار قادة حماس فهل
غاب هؤلاء عن مكان الاستهداف أم حسابات الاستخبارات الإسرائيلية حالت دون المجازفة بعملية أوسع،لكن
الأهم هو أن الرسالة كانت واضحة لا مكان آمن حتى في الدوحة التي كررت فيها عبارات التنديد والاستنكار
والضرورة إلى قوات عربية موحدة، فهل هذا ما تنتظره الشعوب التي اعتادت منذ عقود على بيانات ختامية فيها نفس عبارات التضامن ودعم فلسطين، فالقمة والبيانات الختامية كلمة واحدة الحد الأدنى من الأثر وإن كانت هذه القمة قد شهدت بيانات قوية في لهجتها الديبلوماسية لكنها تفتقر كالعادة إلى آليات ملموسة ،لا عقوبات لا قطع
علاقات مع إسرائيل ولا مشروع تضامن اقتصادي أو أمني يمكن أن يغير معادلة الردع ،وهنا يكمن جوهر الغمة
كلام كثير وغياب أدوات ترجمة لهذا الكلام إلى نفوذ حقيقي، فبين الكلام والواقع ركز الأمير تميم في كلمته على تمسكه بالعلاقات القوية مع أمريكا ولم يعلن عن موقفه من مستقبل علاقته مع إسرائيل كأن جمع القادة في القمة
فقط لإظهارأن الجميع ملتف حول قطر.
الأمة والغمة في القمة ليس مجرد عنوان بل واقع يتكرر كلما اجتمع القادة تحت سقف واحد ازداد الشعور بأن
البيانات لا تحمي الدماء المسالة وأن الصور الجماعية لا توقف قصفا بل تعطي حقيقة واحدة أنه لا سيادة تحترم
في بلاد العرب ولا استقلال للقرار، فكل القمم تحت الوصاية فإلى متى ستبقى القمم العربية والإسلامية مجرد
طقوس شكلية ….
انتهت القمة وبقيت الغمة قدر يلازم هذه الأمة فهل من مخرج؟
