لمياء ابن احساين تكتب :31 أكتوبر من قرار أممي إلى عيد وطني للوحدة الوطنية
يشكل يوم 31 أكتوبر منعطفا جديدا في مسار القضية الوطنية , إذ تزامن تجديد مجلس الأمن دعمه لمغربية
الصحراء مع إعلان جلالة الملك محمد السادس هذا التاريخ عيدا للوحدة الوطنية, في خطوة تعبرعن ترسيخ
الانتصار الدبلوماسي ضمن الذاكرة الوطنية ,ويأتي هذا التطور في سياق متقدم من الحضور المغربي داخل
المؤسسات الدولية حيث استطاعت الدبلوماسية المغربية أن تحول التوافق الأممي حول مبادرة الحكم الذاتي
إلى مرجعية ثابتة, ما يجعل هذا اليوم رمزا لتلاقي الشرعية الأممية مع الإرادة الوطنية في الدفاع عن وحدة
التراب المغربي.
ولم تكن الطريق نحو هذا الانتصار ميسرة بل كانت مليئة بالمناورات التي حيكت ضد المغرب وعلى رأسها
تلك التي قادها النظام الجزائري طيلة خمسين سنة وسخرإمكانياته المالية والدبلوماسية لخدمة أطروحة وهمية
تنافي التاريخ والجغرافية.
فمن دعمه لجبهة البوليساريو بالسلاح والمال إلى حملاته الإعلامية والدبلوماسية داخل الاتحاد الإفريقي
والأمم المتحدة,وظل هدفه الأساس هوعرقلة مسار الوحدة الترابية للمملكة.
ويأتي هذا الانتصار ليكرس الواقعية السياسية بإقرار مجلس الأمن أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب
سنة 2007 هي الأساس الواقعي والوحيد القادر على إنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية
فقد كرس القرار الأممي منطق الواقعية والتوافق التي طالما دعا إليه المغرب وأبرز محدودية الأطروحات
الإنفصالية التي لم تعد تجد دعما دوليا يذكر.
كما أن الموقف الثابت للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن,خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أظهر
أن المجتمع الدولي ينظر إلى مقاربة المغرب باعتبارها حلا عمليا ومستداما يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
وطيلة مدة الصراع أثبتت الدبلوماسية المغربية أنها تقوم على مبدأ الثبات في المرجعيات والتجديد في الأساليب
فالمغرب حافظ على مواقفه الثابتة في قضية الصحراء لكنه طور أدواته التواصلية والتحالفية على المستويين
الإفريقي والدولي.
وقد برزت السياسة المغربية في السنوات الأخيرة أكثر انفتاحا على القوى الصاعدة في افريقيا وأمريكا الاتينية
ما مكنها من توسيع دائرة الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وتعزيز موقف الرباط كشريك استراتيجي في
قضايا الأمن والتنمية.
هكذا أصبح 31اكتوبر أكثر من مجرد تاريخ في روزنامة الأحداث أوإجراء رمزي,بل عيد للوحدة الوطنية
وترجمة استراتيجية لسياسة الدولة في ترسيخ ثقافة الانتصارالدبلوماسي داخل الوعي الجماعي المغربي,فالربط
بين القرار الأممي وإعلان العيد الوطني يعبرعن تحويل الانجاز السياسي إلى رصيد وطني دائم يجدد الوعي
بأهمية الوحدة الترابية ويعزز روح الانتماء والمسؤولية تجاه الوطن.
بهذا القرار أراد الملك أن يجعل من ذكرى القرارالأممي حقيقة قانونية وترابية تؤكدها الوقائع على الأرض
وأن الدبلوماسية المغربية دبلوماسية الوقائع والحقائق وليس الحقائب والحوافز.
