لمياء ابن احساين تكتب : شطحات قيس الملوٍح

198

في لحظة تكاد تونس تختنق فيها سياسيا وماليا اختار الرئيس قيس سعيد الهروب إلى الأمام,حيث بدأ يلوٍحْ في كل اتجاه عبر افتعال خصومات جانبية لا علاقة لها بأولويات التونسيين, فما أصبح
يصدرعن النظام التونسي ليس مجرد مواقف عابرة أو زلات إعلامية,بل تحول إلى سلسلة من
الاستفزازات المدروسة بلغت حد العبث بالثوابت الوطنية للمغرب.
آخرهذه الشطحات ما جاء عبر التلفزيون الرسمي التونسي الذي بث خريطة للمغرب مبتورة وحديث
ساذج عن جمهورية الريف المزعومة في سابقة لا يمكن فصلها عن الاصطفاف السياسي الذي اختاره
قيس سعيد منذ سنوات,المحتوى لا يمكن أن يظهر دون وجود توجيه سياسي أوعلى الأقل تواطؤ مع
الخط الذي تريده الجزائروتوجه عام يهدف بشكل مباشرأو غيرمباشرإلى استفزاز المغرب وإرباك
الرأي العام في وقت تعيش فيه تونس واحدة من أسوأ أزماتها السياسية والاجتماعية والمالية منذ2011
فالغضب الشعبي متصاعد واقتصاد يترنح وعزلة خارجية عمقتها مواجهة قيس سعيد مع الاتحاد
الأوربي الشريك الأساسي الأول لتونس.
ففي الأسابيع الأخيرة موجة احتجاحات متصاعدة عبر فيها المواطنون عن رفضهم للوضع الخانق
الذي تعيشه تونس ففي ظل الانهيارالمتواصل للديناروالتدهورالحاد في المؤشرات الاقتصادية خرجت
فئات واسعة من الشباب والموظفين والتجار إلى الشوارع للتنديد بغلاء الأسعار ونقص المواد
الأساسية وتراجع القدرة الشرائية في وقت يواصل قيس سعيد تقديم خطابات شعبوية تتجاهل جذور
الأزمة ويلقي باللوم على المؤامرات والخونة بدل وضع حلول واقعية.
في ظل هذا الانسداد وجد الرئيس في المغرب مجالا مناسبا لتصدير أزمته على شكل ضجيج إعلامي
ومزايدات فارغة ومحاولات لصناعة قضية لا وجود لها إلا في الخيال السياسي للنظام الجزائري
الذي يستغل هشاشة تونس لتوظيفها كمنصة لرسالته العدائية خصوصا بعد القرار الأخير لمجلس
الأمن حول مغربية الصحراء.
ما حدث في التلفزيون التونسي ليس إلا حلقة جديدة في مسلس التوجيه الخارجي,حيث تحول الإعلام
العمومي إلى طبلة في يد من يبحث عن استفزازالمغرب بأي ثمن.
قيس سعيد الذي يعيش عزلة داخلية وخارجية,يبحث عن شماعة يعلق عليها الاخفاقات المتراكمة ,وفي
هذا السياق يبدوالمغرب هدفا للنظام التونسي, خاصة مع الدور الواضح للنظام الجزائري في توجيه
الخطاب المعادي للمملكة,الجزائر التي ضاقت بتوالي المكاسب الدبلوماسية المغربية تجد في تونس
فرصة لاستعمالها كورقة ضغط إقليمية حتى لو كان الثمن جرالإعلام العمومي التونسي إلى الانخراط
في أكاذيب وخرافات.
وبذلك أصبح النظام التونسي بوعي أوبدون وعي أداة في يد نظام يعيش هوسا بالمغرب ويستغل كل
مناسبة لاشعال توترات جديدة.
في مقابل هذه الشطحات حافظ المغرب على نهجه الثابت بالتركيز على بناء شراكات اقتصادية قوية
وتوسيع شبكة الاعتراف الدولي بالصحراء,ودعم استقراره الداخلي وتماسك مؤسساته ,ولأن الدول
تقاس بأفعالها لا بردود أفعالها,لم ينجر المغرب الثابت دبلوماسيا وسياديا إلى ردود انفعالية ,تاركا
الضجيج الإعلامي لايساوي سوى وزنه الحقيقي, فالدولة التي تزداد قوتها الإقليمية لا تهتز أمام
خرائط مفبركة ولا جمهوريات متخيلة ,إنها مجرد شطحات قيس الملوح الذي يبحث في كل اتجاه
إلا اتجاه الحل.
لكن مهما حاول البعض افتعال الأزمات تبقى الحقائق ثابتة بأن وحدة المغرب ليست
موضوعا للنقاش ولا ورقة للمزايدات الإعلامية ولا أداة للهروب من الأزمات الداخلية ؛فقط شطحات
قيس.