لمياء ابن احساين تكتب : من تندوف إلى طهران خيوط التحالف السري بين البوليساريو وإيران

340

عاد ملف الصحراء المغربية إلى واجهة الأحداث بعد أن منح الكونغرس الأمريكي في خطوة أثارت جدلا واسعا ووصفت بانها الأكثر حزما منذ سنوات مهلة 90 يوما لجبهة البوليساريو الانفصالية للانخراط بجدية في عملية الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كفرصة أخيرة لتجنب تصنيفها تنظيما إرهابيا.
تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التقارير الاستخبارتية عن الدعم العسكري والتقني الذي تتلقاه الجبهة من إيران وفيلق القدس من خلال حزب الله اللذان يقدمان تدريبات عسكرية متقدمة لمرتزقة البوليساريو ويزودانها بطائرات مسيرة وصواريخ متطورة، هذا الدعم العسكري ترافق مع خطاب إيديولوجي جديد للجبهة استعارت فيه لغة المقاومة والجهاد ضد المغرب في تقليد واضح للحوثيين وحزب الله ،مما جعل أمرها أكثر تعقيدا ويضعها في مواجهة دولية ضد النفوذ الإيراني في شمال إفريقيا.
ارتباط بعض قيادات البوليساريو بتنظيمات إرهابية مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وداعش بالصحراء الكبرى يعزز الشكوك حول تورط الجبهة في شبكات الإرهاب العابر للحدود،هذا الارتباط يجعل منها أداة مثالية لإيران لإرباك الأمن الإقليمي واستهداف المصالح المغربية والأوروبية مما يشكل قلقا دوليا من تحول النزاع المفتعل إلى تهديد أمني واسع لشمال إفريقيا وأوروبا.
مهلة الكونغرس تحذير صارم ومؤقت أخير يأتي في سياق الضغط على الجزائر الداعمة للجبهة الاتفصالية ودعما للمبادرة المغربية التي تحظى باعتراف دولي متزايد،وإذا لم تستجب البوليساريوللمهلة المقدمة فسيتم تصنيفها رسميا كتنظيم إرهابي أجنبي في إطار مشروع القانون H.R.4119 الذي يعني تجميد تمويلها وحرمانها من الدعم اللوجيستي وفرض عزلة ديبلوماسية على الجزائر الحاضنة الرئيسية للجبهة،مع فتح الباب لملاحقة قضائية وعسكرية مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لقيادات البوليساريو.
الصراع الذي افتعلته الجزائر بتمويلها لمرتزقة البوليساريو لم يعد قضية محلية بل أصبح ساحة مواجهة استراتيجية
فمن مخيمات تندوف جنوب الجزائر إلى طهران تتشابك خيوط تحالف يهدد استقرار المغرب العربي ويحوله لمعقل إيراني خارج الشرق الأوسط ويعيد رسم خريطة النفوذ في شمال إفريقيا.
قرار التصنيف سيغير قواعد اللعبة والمهلة الأمريكية التي يرعاها وزير الخارجية ووزير الخدمات الأمريكيين بطلب من الكونغرس يمثل فرصة حاسمة امام البوليساريو والجزائر لاختيار طريق الحل السياسي، فالتصنيف الإرهابي سيكون في صالح المغرب بشكل كبير فنزع الشرعية الدولية عن الجبهة سيفقدها أي تعاطف دولي وسيعزز المبادرة المغربية للحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في العام 2007 ويلقى القبول الدولي مما يعزز موقف الرباط ويفتح تعاونا أمنياواستخبارتيا أكبرللرباط مع واشنطن وأوربا لملاحقة شبكات إيران في المنطقة ويحول النزاع من قضية سياسية إلى أمنية محسومة لصالح المغرب.
فالنزاع الصحراوي أصبح محسوما سواء قبلت البوليساريو المهلة الأمريكية أم رفضتها والدعم العسكري والمالي الجزائري والإيراني لن يغير من واقع الأمرشيء وقرار الكونغرس الأمريكي ليس سوى تأكيد إضافي أن المجتمع الدولي يتجه نحو طي هذا الملف نهائيا لصالح السيادة المغربية،وأن أي تعنت أو ارتماء في أحضان إيران سيقود البوليساريو والجزائر إلى عزلة أكبربينما يخرج المغرب أكثر قوة وشرعية كفاعل استراتيجي في المنطقة.
فهل ستختار البوليساريو طريق الحكم الذاتي أم تسقط في فخ إيران وتصنيف الإرهاب وتتحول من ورقة ضغط إلى تهديد حقيقي للجزائر ودولة داخل الدولة؟.