محمود دسوقي يكتب: أمريكا .. وخيانة الحُلفاء

33

قبل بضعة أيام نشرت مقالاً بعنوان “الأفول الوشيك للشمس الأمريكية”، واستندت في التأصيل لعنوان المقال ومضمونه إلى المواقف الأمريكية العدوانية على مدار تاريخها، ليس فقط ضد أعدائها لكن ضد حلفائها أيضًا، واليوم ثبت بالدليل القاطع أن أمريكا بقيادة دونالد ترامب – تخسر – على مختلف المستويات السياسية.
فبعد ساعات معدودة من تصريح ترامب “قد نتوصل لاتفاق بشأن غزة قريبًا جدًا” خلال حديثه للصحفيين عقب عودته من حضور نهائي بطولة أمريكا المفتوحة للتنس في مدينة نيويورك، هاجمت إسرائيل اليوم وفد حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة أثناء مناقشة مقترح ترامب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى.
وعلى الرغم من فشل الهجوم الإسرائيلي المباغت على قيادات حماس في الدوحة القطرية، والتواطؤ الفاضح للإدارة الأمريكية أمام الانتهاكات الإسرائيلية ليس فقط في غزة ولكن على مستوى الشرق الأوسط، إلا أن أمريكا حتمًا ستشارك إسرائيل رغمًا عنها في سداد الفاتورة السياسية نظير هذه الممارسات غير المدروسة والمخالفة للقوانين والأعراف الدولية، ويكفي القول بإن الدول المتحالفة مع أمريكا ستعيد النظر في مواقفها ولو بعد حين في ظل المواقف الرمادية التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه حلفائها، خاصة وأن قطر التي انتهكت إسرائيل سيادتها اليوم بمباركة أمريكية مصنفة كواحدة من أكبر الدول الحلفاء لواشنطن عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.
كما أن هناك قوى أخرى تراقب الموقف الأمريكي المتخبط والسياسات غير المتزنة، فهل لا يزال يحظى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بثقة تذكر لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ خاصة في ظل الإلحاح الشديد من الأول على الثاني بضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ناهيك عن التنين الصيني الذي لا تنقطع أنظاره عن أمريكا وتحركاتها ومواقفها الدولية.
إن الضربة الإسرائيلية التي وُجهت لقادة حركة حماس على أراضي دولة حليفة لأمريكا، سيكون لها من التبعات السياسية ما لا يُحمد عقباه، وستكون أمريكا المتضرر الأكبر قبل إسرائيل، فهل تُدرك الإدارة الأمريكية أنها تُسحب إلى الهاوية بحبال إسرائيلية، أم إن الإدارة الأمريكية تبنت مبدأ السقوط الحر؟.

بقلم: محمود دسوقي
صحفي بمؤسسة الأهرام وباحث أكاديمي