محمود دسوقي يكتب: “القاهرة” .. كلمة السِر في وقف الحرب على غزة

18

 

لا شك أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من ناحية والمقاومة الفلسطينية من ناحية أخرى، يُعد انتصارًا كبيرًا ولافتًا لإرادة الشعب الفلسطيني الذي رفض الاستسلام والتهجير رغم ما عاناه من ممارسات القتل الجماعي الممنهج والتشريد والتجويع على مدار عامين كاملين، كما يعد ذلك نجاحًا للدبلوماسية المصرية التي بذلت جهودًا غير عادية منذ بداية الحرب للعمل على وقف نزيف الدم الفلسطيني بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر.

وجاء إعلان الرئاسة المصرية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، وفقًا لخطة السلام التي طرحها الرئيس ترامب، وبرعاية مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف العمليات الهجومية في قطاع غزة، حجر أساس لما نادت به الدولة المصرية قديمًا وحديثًا بضرورة تنفيذ حل الدولتين، من منطلق حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

والنجاح الذي حققته الدبلوماسية المصرية لا يقتصر فقط على إقناع الوسطاء الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة وقف الحرب على غزة، لكن أيضًا إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة مصر وربما زيارة قطاع غزة أيضًا لحضور فعاليات التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا انتصارًا للدبلوماسية المصرية التي أعلنت موقفها واضحًا منذ بداية الحرب برفض تصفية القضية وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

ولا خلاف على أن السلام الشامل والعادل والمستدام بمنطقة الشرق الأوسط، لن يتأتى إلا بالاعتراف الرسمي والواقعي بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة دون وصاية غربية أو شرقية، وهو ما تسعى مصر إلى تحقيقه دائمًا لتفويت الفرصة على دولة الاحتلال الإسرائيلي التي طالما سعت نحو تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم دون وجه حق.

إن تضحيات الشعوب في سبيل الدفاع عن نفسها وتحقيق استقلالها شرف لا يضاهيه شرف مهما بلغت تلك التضحيات، وسيكتب التاريخ أن الشعب الفلسطيني الحُر الأبي تحمل الظلم والقهر والقتل الممنهج والتجويع والتشريد ولم يتقبل فكرة التهجير.

بقلم : محمود دسوقي

صحفي بمؤسسة الأهرام وباحث أكاديمي