محمود دسوقي يكتب: ثلاثة سيناريوهات للقمة العربية في “الدوحة”
تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، قمة عربية وإسلامية طارئة على خلفية الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف عددًا من قادة حركة حماس في الدوحة أثناء بحث مقترح ترامب لإنهاء الحرب وتسليم جميع الرهائن.
الهجوم الإسرائيلي المُباغت على واحدة من أكبر الدول العربية النفطية الحليفة لأمريكا – رغم فشله، أحدث زلزالاً سياسيًا بالمنطقة العربية خاصة في دول الخليج التي تستضيف منذ عقود قواعد عسكرية أمريكية، جزء من مهامها الرئيسية والبديهية الدفاع عن هذه الدول ضد أي أخطار خارجية.
ووسط تبريرات واهية من الولايات المتحدة الأمريكية بتحذيرها الدوحة مسبقًا من الهجوم وأنها ستقدم ضمانات بعدم تكراره مستقبلاً، إلا أن التحليل المنطقي والواقع يقول إن أمريكا شريك رئيسي في الهجوم، ويكفي أن قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر لم تحرك ساكنًا قبل الهجوم أو بعده، وبالتالي فإما أمريكا شريك رئيسي في الهجوم بالتنسيق مع إسرائيل وهذه كارثة بالنسبة لقطر، أو أنها فوجئت مثل الدوحة بالهجوم ولم تتمكن قواتها الجوية من إيقافه والتصدي له وهذه كارثة أكبر.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة؛ هل هناك رصيدًا لا يزال لواشنطن لدى الدول العربية الحليفة لأمريكا، أم إنها مجرد دول مغلوبة على أمرها بعد أن غرقت أسيرة شباك الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأمريكية المفروضة عليها منذ عقود، والإجابة على هذه التساؤلات ستتضح جلية من مخرجات القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة غدًا، فليس بين الدول العربية النفطية من لديه رصيدًا من العلاقات العسكرية والاقتصادية يفوق قطر!.
وحرصت قطر منذ استقلالها قبل عقود على إقامة علاقات دبلوماسية قوية مع أمريكا، وجاءت أولى المساعدات الإنسانية القطرية لأمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر متمثلة في تبرع أمير قطر بمليون دولار لمدينة نيويورك، ووجه أمير قطر خلال زيارته للمدينة في نوفمبر 2001 بتقديم منحة لإعادة بناء كنيسة أرثوذكسية يونانية دُمرت في موقع غراوند زيرو.
ليس ذلك فقط، لكن حرصت قطر أيضًا على تعزيز حُسن نواياها تجاه الولايات المتحدة من خلال المساعدات التي قدمتها بعد إعصار كاترينا في عام 2005، ففي البداية تبرعت قطر بمبلغ 100 مليون دولار لجهود التعافي، ثم تبرعت بأكثر من 60 مليون دولار كمنحٍ لمنظمات ومؤسسات محددة، بما في ذلك 10 ملايين دولار لجامعة تولين و17.5 مليون دولار لجامعة كزافييه.
وبعد أكثر من عقد من الزمان، عادت قطر لتؤكد دورها كصديق مخلص للولايات المتحدة في أوقات الحاجة، وقدمت يد العون إلى هيوستن عام ٢٠١٧، في أعقاب إعصار هارفي، حيث تبرعت بمبلغ ٣٠ مليون دولار كمنح ومساعدات للتعافي، كما تبرعت خلال جائحة كوفيد-١٩ بمليون دولار لولاية فلوريدا، و٥ ملايين دولار لولاية لوس أنجلوس، ومبلغ مماثل لنيويورك.
ومؤخرًا وخلال العام الجاري 2025 نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ضمان التزامًا اقتصاديًا تاريخيًا بقيمة 1.2 تريليون دولار في قطر، لإعادة إحياء التصنيع والابتكار الأمريكي، حيث تم توقيع اتفاقيةً مع قطر تُسهم في تعزيز التبادل الاقتصادي بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار، وأعلن ترامب عن صفقات اقتصادية تتجاوز قيمتها الإجمالية 243.5 مليار دولار بين الولايات المتحدة وقطر، بما في ذلك صفقة تاريخية لبيع طائرات بوينغ ومحركات جنرال إلكتريك للطيران إلى الخطوط الجوية القطرية.
ومع ذلك، لم تُقدم الولايات المتحدة الأمريكية لشريكها الإستراتيجي المزعوم – قطر – أية مزايا أو حماية تُذكر ضد العدوان الإسرائيلي، ولعل ما حدث ويحدث الآن من الإدارة الأمريكية تجاه حلفائها في المنطقة، درسًا ومؤشرًا لأهمية إعادة تقييم العلاقات والتفكير في التأسيس لتحالفات جديدة قد تحقق ما لم تحققه أمريكا للعرب قبل فوات الأوان.
وقبيل ساعات من القمة العربية والإسلامية في الدوحة، قد لا تتجاوز مخرجاتها ثلاثة سيناريوهات رئيسية، أكثرها تفاؤلاً الإعلان عن تأسيس قوة عسكرية عربية مشتركة هدفها الدفاع عن الأراضي والمصالح العربية ضد أي أخطار خارجية، بينما يشير السيناريو الثاني لاحتمال صدور قرار عربي بخفض التمثيل الدبلوماسي والاقتصادي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، أما السيناريو الأقل تفاؤلاً فالبقاء في دائرة الشجب والإدانة والاستنكار!!.
بقلم: محمود دسوقي – صحفي بمؤسسة الأهرام وباحث أكاديمي
