محمود دسوقي يكتب: منتدى “بوسان” .. هل يضع حدًا للحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين؟!
تمثل الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين تهديدًا مباشرًا ليس فقط للاقتصاد العالمي لكن أيضًا للاقتصاديات الناشئة والدول المدينة محدودة الإنتاج، ومع كل قرار أمريكي بعقوبات جديدة على الصين ترد بكين الصاع صاعين في محاولة لكبح الجماح الأمريكي الذي لا يتوانى في فرض السيطرة الاقتصادية على العالم أجمع.
وتستهدف العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد الصين، قطاع التكنولوجيا حيث تعتبر أمريكا التقدم التكنولوجي الصيني تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي وبالتالي جعلته محور تركيز ضغوطاتها الاقتصادية، وتعمد أمريكا أيضًا على ملف التعريفات الجمركية كسلاح مؤثر ضد بكين.
ولزيادة ضغوطاتها الاقتصادية على الصين، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية قيودًا على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة ومعدات تصنيع الرقائق إلى الصين، وتم توسيع نطاق هذه الضوابط بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وهي تنطبق خارج الحدود الإقليمية مما يتطلب من الشركات الأجنبية التي تستخدم التكنولوجيا الأمريكية الامتثال لتعليماتها.
ومؤخرًا فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على شركتي “روزنفت” و”لوك أويل” الروسيتين، ما أدى إلى اضطراب أسواق الطاقة العالمية ودفع شركات النفط الحكومية الصينية إلى وقف استيراد النفط الروسي مؤقتًا، وتقوم الصين وهي أحد أكبر مشتري النفط الروسي بتخزين احتياطاتها وقد تلجأ إلى وسطاء للتغلب على العقوبات والحصول على النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة.
وردًا على العقوبات الاقتصادية الأمريكية، تقوم الصين بتحديث سياستها الاقتصادية، وخلال يناير 2025 وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة أعلنت الصين عن سلسلة من الإجراءات العقابية التي تستهدف الشركات الأمريكية، وتم فرض عقوبات صينية جديدة على عدد من الشركات الأمريكية.
كما لجأت الصين إلى فرض عقوبات على شركة Skydio أكبر مصنع للطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة، ردًا على مبيعاتها للأسلحة إلى تايوان مما تسبب في أزمة بسلسلة التوريد للشركة، حيث مُنعت الشركات الصينية من توفير المكونات الأساسية واضطرت Skydio إلى البحث عن موردين بديلين، ومع الوقت زادت الصين أيضًا من وتيرة الإعلان عن العقوبات، التي تستهدف في المقام الأول الأفراد والكيانات الأمريكية المتهمة بالتدخل في الشئون الداخلية للصين.
وبشكل عام تعكس العقوبات الأخيرة التي فرضتها الصين على الولايات المتحدة نهجها الانتقامي المتمثل في التخلي عن الرمزية وتبني الجوهر، على الرغم من تزايد ترسانة أدوات السياسة الاقتصادية التي تمتلكها، لا تزال بكين حذرة وتسعى إلى تجنب التصعيد الذي قد يضر باقتصادها أو ينفر شركاءها التجاريين الرئيسيين.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصل اليوم إلى اليابان، محطته الثانية ضمن جولته الآسيوية التي بدأت من ماليزيا، ومن المقرر أن يغادر ترامب اليابان الأربعاء إلى غيونغجو في كوريا الجنوبية، حيث سيجري محادثات مع الرئيس لي جاي ميونغ، قبل التوجه إلى مدينة بوسان لحضور منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ حيث سيجتمع على هامشه بالرئيس الصيني شي جين بينغ، فهل يكون اجتماع الزعيمان بداية حقيقية للتوافق على إنهاء الحرب الاقتصادية أو حتى تخفيض وتيرتها؟!
محمود دسوقي – صحفي بمؤسسة الأهرام وباحث أكاديمي
