محمود دسوقي يكتب: نتنياهو .. وعُزلة إسرائيل
على مدار عامين من الحرب الضروس على قطاع غزة، لم ينجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في السيطرة على القطاع أو احتلاله، رغم الدعم السياسي والعسكري الأمريكي اللامحدود، ورغم ما خلفته الحرب ولا تزال من مئات الآلاف من القتلى والجرحي فضلاً عن تجويع وتهجير ما يزيد عن 2 مليون مواطن غزاوي من أرضهم، لكن النجاح الوحيد الذي حققه نتنياهو هو فرض العُزلة الدولية على إسرائيل، خاصة مع اعتراف ثلاثة أرباع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية بواقع 145 دولة من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة.
كما أن سياسات القتل والتجويع والتهجير التي تمارسها حكومة نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وتجاوز جميع الخطوط الحمراء، أصبحت عامل رئيس في تنامي الاعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، حيث اعترفت مؤخرًا بريطانيا، أستراليا، كندا والبرتغال بالدولة الفلسطينية، وهو ما شجّع دولاً أخرى منها فرنسا، بلجيكا، لوكسمبرغ، ومالطا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما يُعبّر عن رفض دولي واضح وقوي للحرب الإسرائيلية المدعومة أمريكيا على قطاع غزة ويضع إسرائيل في مواجهة العُزلة الدولية.
إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي قاربت على عامين وتجاوزت جميع الخطوط الحمراء في تحدِ صارخ للقوانين والأعراف الدولية، وإعلان مسئولين رسميين بارزين نية الحكومة فرض سيطرتها الأمنية على الضفة الغربية، كشف زيف الإدعاء الإسرائيلي بأن “إسرائيل تدافع عن نفسها”، ومع تغيير اللهجة الإسرائيلية من التلميح إلى التصريح بشأن الخطط التوسعية بمنطقة الشرق الأوسط وصولاً إلى دولتهم المزعومة “إسرائيل الكبرى”، يبقى على المجتمع الدولي بصفة عامة والدول العربية والإسلامية بصفة خاصة إتخاذ مواقف أقوى في مواجهة هذا الطغيان.
ورغم هذه التطورات، لكن القراءة المنطقية للمشهد الراهن، توحي بإتساع دائرة الحرب بمنطقة الشرق الأوسط، في ظل إصرار إسرائيلي مدعوم بالفيتو الأمريكي على زعزعة المنطقة ونشر الفوضى تمهيدًا لإسقاط الأنظمة السياسية وفرض السيطرة ونهب الثروات، وهي لغة ليست جديدة على أمريكا ولا الغرب الأوروبي، لكن طرق التنفيذ وصياغة المبررات هي التي تختلف من حقبة تاريخية إلى أخرى، خاصة مع عدم قدرة دول المنطقة على إقامة أية تحالفات سياسية أو عسكرية أو حتى اقتصادية تُذكر، ليظل مصيرها بيد قوى خارجية كبرى تعبث كما تشاء!.
بقلم: محمود دسوقي
صحفي بمؤسسة الأهرام وباحث أكاديمي
