محمود عبد الغني يكتب .. لغة الأورك (الحلقة الثالثة : كيف أخضعت الشعوب لآماد طويلة)

80

ما هي لغة الأورك ؟
وسر نجاح تجربة الأورك, واستخدامها بنجاح ولآماد طويلة لإخضاع الشعوب,  وكيف كان يتم توجيهه؟, ما هي الطريقة التي كان يتلقى بها التكليفات وينفذها على أكمل وجه؟, كنت موقنا أن هناك لغة, ولن يكلل بحثي بالنجاح إلا إذا توصلت إلى مفرداتها. ارتديت ملابس زبال, توجهت إلى حيث تقطن فتاة الكتب المصورة, حفظت العنوان عن ظهر قلب, قبل أن أحرق الورقة أمعانا في الحرص, الشارع العاشر, الطابق الثالث, شقة رقم (5), طرقت الباب برفق, وأجبت “زبالة”, فتحت لي فتاة, أدركت أنها هي لأنها كانت تنظر حولها بقلق, دعتني إلى الداخل متعللة بأن هناك جوال ضخم من الورق ولا تستطيع حمله بمفردها, من داخل إحدى الغرف دلف إلى الصالة رجل يجلس على كرسي متحرك, كان يرتدى جلبابا أبيض, يبدو في الستين, يبدو أيضا أنه والدها, ملامحه تشبه رجل الظل, وتشبه أيضا رجل المكتبة الذي لا يحبني, أو هكذا ذكرتني نظراته المتوجسة منى, تسمرت في وسط الصالة, انتظرت أمرا, قال العجوز عليك أن تنهى الأمر بسرعة زهقت من كمية الورق بغرفتها, أشارت له إشارة ودودة بالعودة إلى الغرفة التي جاء منها ولا يشغل باله, خرج فأسرعت بإغلاقها بأحكام, ثم فتحت الغرفة المجاورة ودعتني للدخول, في الصالة لم ألاحظ أنها جميلة, بل فاتنة, بحركة سريعة أزالت الطرحة عن رأسها وتحررت من الروب الثقيل, انساب شعرها أسود وناعم، وكان يغطى ردفين متمردين, كانت ترتدي قميص نوم قرمزي يصل إلى أسفل الركبتين, فتحة الصدر ضيقة لم تظهر شيئا من نهديها الراغبين في الثورة, لكن تدويرها المثالي كان واضحا لضيق القميص من أعلى, ما حدث كان مفاجئا وجعل دمى مستنفرا, كانت تبتسم بسعادة, ثم راحت تضم شفتيها بقسوة وتفرجهما برفق وتعود لتلعقهما بلسانها, داخل فمها رأيت ما يشبه الغسق, شعرت بظمأ قاسى, سألتني ماذا أريد؟, تلعثمت وأنا أقول بصعوبة “كتابا”, قالت عليك أن تدفع الثمن, كم؟, أعطتني ظهرها فبدا عاريا ومضيئا، وتمددت على الفراش ورفعت قدميها إلى أعلى وقالت الثمن أن تمارس معي الحب, لم تكن ترتدي سروالا فرأيت التجويف لامعا فألقيت بنفسي فوقها, ضحكت فرحت أكتم ضحكها بفمي، بينما يداي تعبثان بصدرها، ولا أعرف كيف أصبحنا عاريين, ولا أعرف كيف دخلتها, كنت أطلق خوارا مثل حيوان خرافي, ولعلني في هذه اللحظات كنت أشبه الأورك, بينما هي كانت تطلق أهات مكتومة مرة وعالية مرة,لم استمتع في حياتي بشيء مثل هذا . ولما انتهينا ارتديت ملابسي، بينما انتصبت هي عارية، واتجهت نحو دولاب بضفتين، أخرجت من احديها صورة من كتاب التكاثر اللاجنسى وقدمته لي, التمست منها المعذرة وأنا أخبرها بأني لم أعد أرغب في هذا الكتاب, إنما أريد كتابا أخر, قاموس أو مرجع عن لغات الكائنات الخرافية, قالت أنه غير متوفر الآن، و كل ما علي أن أعود غدا لأحصل عليه, قالتها وهى تغمز بعينيها وتبتسم, أشرت إلى الغرفة المجاورة, قالت لا تخشى شيئا, سألتها ” أبيك”؟ قالت زوجي وهو كما ترى قعيد,أشارت لي بالخروج, أخذت الكتاب وانصرفت .
الآن قاربت على الانتهاء من بحثي, لم يبقى إلا الجزء الخاص بلغة الأورك, غدا سأحصل منها على ما يفيدني . استيقظت متأخرا, وقت المطالعة في المكتبة العمومية كاد أن يضيع, أسرعت إليها, ألقيت نظرة على الطاولة بجوار الباب, لم أجد إلا الأخر الذي لا يحبني جالسا وحده, كان يرمق كل من بالمكتبة بتوجس وعصبية, عندما رأنى اتجه نحوى مسرعا, عما تبحث ؟, قلت ابحث عن كتاب جديد, أخبرني أنى أكذب وأنى في الحقيقة ابحث عن الرجل الآخر, وقال لي أنه لن يأتي اليوم ولا حتى غدا, وأن السلطات وفرت له سفرا خارج البلاد, وأنه لن يعود أبدا, صعقت بما سمعت وخرجت مسرعا إلى الشارع, كان النهار يقارب على الانتهاء, تذكرت موعدي مع الفتاة فهرعت إليها, طرقت الباب, لم أتلقى جوابا لكن الباب فتح, فتحه الرجل العجوز, كان منتصبا على قدميه, ودون كرسي متحرك, ذهلت مما يجرى أمامي, سألني كمن يراني أول مرة ماذا أريد, قلت “زبالة” , قال أن هناك شخص يأتي كل يوم ويأخذها, قلت أنا من أخذها بالأمس, ولتسأل الفتاة, قال أنه لم يراني من قبل كما أن هنا لا توجد أية فتاة, قلت بحيرة كيف, لقد حدث ذلك بالأمس فقط, ولا يمكن أن تتجاهلني, أشار بيده محذرا, وكان في غاية الغضب, تركته وأنا في غاية الذهول, خرجت إلى الشارع, كان المساء قد حل, الضوء كان أكثر خفوتا من أي وقت مضى, الشارع أيضا كان خاليا تماما, شعرت بخوف لم أشعر به من قبل, وذاد من خوفي أنى شعرت بمن يتعقبني, وتأكدت عندما رأيت الظل الباهت يحاول أن يسبق ظلي, أنا الآن بعيد عن بنايتي, هل أجرى؟, هل أستدير و أواجهه لأول مرة؟, هل ألقى بنفسي داخل أول بناية تقابلني يسطع من مدخلها نور؟, كنت خائف, كانت لديه كل السطوة, لكنى كنت أملك بعض الأمل .