مخاوف تحققت.. ماذا فعلت حماس لتأكيد هزيمة إسرائيل في الرأي العام العبري؟
في صباح يوم السبت الماضي، أطلقت حماس سراح أربعةٍ من مجندات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن صفقة تبادل الأسرى، وسط حالة من البهجة شاعت بين الطرفين، إذ بدت الرهائن في حالة صحية أفضل مما توقع أو تمنى أي شخص من ذويهم، كذلك عكس المشهد التنظيمي لفصائل المقاومة الفلسطينية مدى القوة التي بقيت عليها بعد 15 شهرٍ من انخراطها في حربٍ غير متكافئة بينها وبين إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية.
مشاهد النصر في غزة
ومن المشاهد التي أثارت حالة من الغضب في الرأي العام العبري، هو صعود عناصر من الصليب الأحمر على منصاتٍ انتشرت بها قوات حركة حماس التي حملت سلاحًا اغتنمته من جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات المحتدمة بينهما، ولم تكتفِ الحركة بذلك بل جعلتهم يوقعون على وثائق تفيد تسلمهم الرهائن المفرج عنهن، في رسالة واضحة إلى أن حماس لا تزال هي القوة المسيطرة على قطاع غزة على خلاف ما يدعيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، الذين زعموا أن حماس فقدت قدرتها على مواصلة القتال ومن ثم قدمت تنازلات لإتمام صفقة وقف إطلاق النار.
ماذا طلبت أربيل يهود من نتانياهو وترامب؟
مراسم إطلاق سراح الرهائن الأربعة وسط حضور شعبي كثيف وتغطية إعلامية مركزة، أكدت جميعًا على أن الجو في غزة كان مفعماً بالنصر والبهجة، وفقًا لتقرير أعدته صحيفة «جيروزاليم بوست» التي أوضحت أن مخاوف المسؤولين المتطرفين في حكومة نتنياهو تحققت بتلك المشاهد التي تمثل إهانةً لإسرائيل التي خاضت حرب إبادة جماعية موسعة بهدف القضاء على فصائل المقاومة المسلحة، وهو ما لم يتحقق منذ السابع من أكتوبر 2023.
عودة النازحين بعيون الإسرائيليين
بذلت سلطات الاحتلال جهوداً دبلوماسية كبيرة لمنع أن يُطلب من أي من المجندات الأربعة تقديم خطاب قصير مليء بالامتنان لآسريهم من حركة حماس، وهو الأمر الذي خشي بعض المراقبين في إسرائيل حدوثه، إلا أن أداء حماس الاستعراضي أفسد على المجتمع العبري فرحته بعودة المحتجزات، ليشعر البعض أن الهزيمة لم تلحق إلا بالجانب الإسرائيلي الذي يدّعي عكس الواقع، وهو ما أشار إليه وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير، في عدة لقاءاتٍ صحافية، محذرًا من خطورة الشعور بالهزيمة على مجرى الحرب.
وتعليقًا على عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة بدءًا من التاسعة صباح يوم الإثنين، وصف «بن غفير» العملية بأنها «جزء مهين آخر من الصفقة المتهورة لوقف إطلاق النار»، موضحاً في منشور عبر منصة «إكس» أن افتتاح طريق نتساريم ودخول عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمال القطاع، يعتبر صورةً تعكس انتصار حماس، فليس هذا ما يبدو عليه «النصر الكامل» الذي دعا به لرفض اتفاقية وقف إطلاق النار، وإنما ما يبدو عليه «الاستسلام الكامل».
ترامب: “DeepSeek” ناقوس خطر لشركات التكنولوجيا الأمريكية
كما أحدث تضارب الرؤى السياسية بين نتنياهو وبن غفير حالة من انعدام اليقين حول مدى التزام إسرائيل ببنود صفقة تبادل الأسرى، فبعد انسحاب وزير الأمن القومي من الحكومة ومعه وزيران من حزب «القوة اليهودية»، يكون الإئتلاف الذي يتزعمه رئيس وزراء الإحتلال في مواجهة مع المجتمع العبري من أجل البقاء في السلطة، خاصةً أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش هدد بالانسحاب من الحكومة ما لم تعد العمليات العدوانية على غزة.
وبين الاعتراض على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين «الملطخة أيديهم بدماء اليهود» والخوف من حل ائتلاف نتنياهو بسقوط حكومته فور تنفيذ «سموتريتش» تهديده بالانسحاب، يشير تقرير «جيروزاليم بوست» إلى احتمالية أن تخرق سلطات الاحتلال بنود الاتفاقية قبل أن تستعيد جميع الرهائن المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وهو ما يرفضه الشارع العبري.