“مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا” – جيروزاليم بوست
تركز جولة الصحافة في هذا اليوم، 30 يناير/ كانون الثاني، على مواضيع متعلقة بالشأن السوري، من سعي الإدارة الجديدة إلى تشكيل “حكومة شريعة إسلامية” على غرار “طالبان الأفغانية”، إضافة إلى أولوية السياسة على الإيديولوجيا، ورفع العقوبات الأوروبية عن البلاد.
وفي صحيفة جيروزاليم بوست، رأى الكاتب، سالم الكتبي، أن هيئة تحرير الشام التي قادت المعارضة السورية المسلحة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، تسعى إلى “إنشاء حكومة شريعة إسلامية على غرار طالبان” في أفغانستان.
وعلى الرغم من تطمينات رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، بأن سوريا وأفغانستان مختلفتان إلا أن هناك تخوف من تحول من حكم حزب البعث إلى سيطرة دينية متخفية بادعاءات أتباع إرادة الأغلبية السورية لتفادي الاتهامات بفرض حكم ديني متشدد، على حد تعبير الكاتب.
وأشار إلى أن تعيين الشرع لوزراء عملوا في حكومة الإنقاذ بمثابة مكافأة لهم على الانتصار، لكنه يبعث قليلاً من الأمل لأن عدداً من المناصب منحت لأجانب ما يعني ضمناً أن سوريا تفتقر إلى مؤهلين لإدارة هذه المرحلة الانتقالية.
وقال إن “العزلة الذاتية وعدم الثقة” يعكس أخطاء ارتكبتها جماعات إسلامية حكمت دولاً عربية، “ما أدى إلى سقوطها”.
الأقليات في سوريا تنشد الأمن بينما ترسم الدولة مستقبلاً جديداً
ورأى الكاتب أن القادة الجدد سارعوا إلى التلميح لتغييرات جذرية في المحاكم السورية، بدلاً من إرساء مبادئ حكم جديدة أولاً.
وقال إن هؤلاء القادة “وضعوا الدستور والقوانين العادية جانباً ليجعلوا الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع. وهذا يثير سؤالاً أساسياً: كيف يمكن بناء دولة من دون قوانين ودستور؟”.
وبحسب الكاتب فإن “التسرع في إعادة تشكيل المحاكم حول أيديولوجية واحدة في دولة علمانية ذات مجموعات دينية وعرقية متنوعة سيضر بحقوق المرأة والأقليات والحريات الدينية”.
ورأى أن تعيين ميساء صابرين لتترأس المصرف المركزي، جاء لأن القادة الجدد “لم يكن لديهم مرشحين مؤهلين لهذا الدور، في حين أن تعيينها يتيح لهم الادعاء بأنهم يدعمون المرأة”.
وقال إن “الشرع وحلفاؤه يريدون نظاماً يرفضه السوريون”.
ولفت النظر إلى أن القادة الجدد القادمين من “جماعات إرهابية متطرفة” عليهم “إثبات أنفسهم بالأفعال وليس بالأقوال”.
“أسبقية للبناء السياسي”
بعد أن تعهد رؤساء أمريكيون بإغلاقه، ترامب يعتزم إنشاء مركز احتجاز مهاجرين في غوانتانامو
وفي صحيفة القدس العربي، كتب ياسين الحاج صالح مقالاً بعنوان: “في سوريا: السياسة أولاً، الاقتصاد ثانياً، والإيديولوجيا آخر شيء”.
ورأى الكاتب أن “سوريا بحاجة إلى دعم مالي إسعافي من أجل إعادة الإعمار ودوران عجلة الاقتصاد من جديد” لكنه قال إن “البلد في حاجة بقدر أكبر إلى هياكل سياسية عقلانية، موثوقة اجتماعياً، تنضبط بالقانون وتعمل بشفافية ويتحمل مديروها المسؤولية عن أفعالهم، وهذا من أجل أن يكون أي ضخ محتمل للأموال مجدياً”.
غير أن الكاتب قال “ليس ثمة ما يشير إلى أن الإدارة الجديدة تحوز رؤية سياسية واضحة للمستقبل كإطار للتنمية الاقتصادية ومعالجة المشكلات الاجتماعية الملحة، وبخاصة الفقر والبطالة”.
وقال إن على الدولة “توزيع الموارد المحتملة وقيادة عملية التنمية على نحو يعود بمنافع على الشرائح الدنيا في البلد، وليس كبار المتمولين ممن يعمل اقتصاد السوق غير المضبوط سياسياً وقانونياً لمصلحتهم”.
ورأى الكاتب “مهما أمكن للنهوض الاقتصادي أن يكون ملحاً فإن السياسة تأتي أولاً، والبناء السياسي العقلاني والمسؤول له الأسبقية من أجل النمو الاقتصادي ذاته”.
وفيما قال الكاتب إن سوريا قد تتلقى مساعدات من دول خليجية أو الاتحاد الأوروبي، حذر من اشتراط الدعم القادم من الخليج “بسقوف سياسية تعيد إنتاج الحكم التسلطي على أسس جديدة، فتقيد الحريات العامة في البلد وتسقف التعددية السياسية ويحال دون انتخابات حرة أو يجري تقييد المشاركة فيها”.
كما حذر من أن الدعم الأوروبي الذي “سيفرض شروطاً سياسية، تتصل بإسرائيل وأمنها الدائم، وبالإرهاب ومحاربته، أي بأمن الأوروبيين، ثم ربما بروسيا”.
الكاتب قال إن “الإدارة الجديدة في سوريا في وضع ضعيف اليوم حيال القوى العربية والدولية بسبب التركة الثقيلة التي ورثتها من نظام الأسد، ثم بسبب ماضيها الخاص المتطرف، السلفي الجهادي، الذي سيبقى يلاحقها”.
وعبر عن خشيته من “عنف في البلد قد يأتي من ضعف تماسك الفريق الحاكم، وبالتحديد من مخاطر انقلابية قد تأتي من متطرفين فيه أقرب إلى التكوين السلفي الجهادي التقليدي، ومن ساخطين من تشكيلات مسلحة لا يرضيها نزع سلاحها، ولا يبعد أن تلجأ إلى المزايدة الدينية”.
لكن الكاتب رأى أن “ما يمكن أن يضمن انتقالاً سورياً مستداماً لا ينقلب هو أن تحصن الإدارة الجديدة نفسها بأكثرية سياسية واسعة”.
رسميًا.. تنصيب أحمد الشرع رئيسًا للبلاد في المرحلة الانتقالية
وقال إن “الأكثرية السياسية تقوم عبر انتخابات حرة، لكن في الطور الحالي يمكن أن تتكون عبر تفاهمات انتقالية مع شخصيات وتجمعات من غير التابعين لقوى دولية ومن ذوي الدور الاجتماعي الفاعل خلال سنوات الثورة”.
وأضاف “مشكلات سوريا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تدعو إلى تخفيف الاستقطابات الإيديولوجية، والتركيز بالمقابل على قضايا العدالة والحقوق والحريات، والنمو الاقتصادي العاجل”.
السلطات السورية تعلن حل الجيش وتعليق العمل بالدستور وتعيين الشرع رئيساً للبلاد
وكتبت صحيفة لوموند، مقالاً، تتحدث عن ضرورة دعم سوريا مالياً مع ترحيبها برفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عنها تدريجياً كخطوة أولى، في سعي البلاد إلى “إقامة نظام ديمقراطي بعد عقود من الدكتاتورية”.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن “التعقيد الذي تتسم به المجتمعات السورية، الذي تفاقم بسبب التدهور الاقتصادي والاجتماعي الموروث من النظام المنهار، جعل الدعم الدولي أمراً ضرورياً”.
وأشارت إلى أن الإدارة السورية الجديدة “تسعى جاهدة إلى دحض فكرة مفادها بأن عمليات انتقال السلطة الفاشلة، التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط مراراً، ستكون حتمية”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأوروبيين “أظهروا براغماتية بينما ظلوا حذرين، ويعتزمون أخذ الإدارة الجديدة على محمل الجد”، فيما عززت الأخيرة التزاماتها في مجال الحكم واحترام الأقليات وحقوق الإنسان، على حد تعبير الصحيفة.
وقالت إن “الحقوق أساس يمكن عليه إعادة بناء المجتمع في بلد أنهكته الحرب الأهلية لأكثر من عشر سنوات”، ما يعني “الحفاظ على حرية التعبير والمساحة العامة السلمية”.
وعبرت الصحيفة عن تأييدها تخفيف العقوبات المشروط لأنها سيعاد فرضها إذا فشلت الإدارة في الوفاء بوعدها.
لكن الصحيفة قالت إن الجهود الأوروبية “تبقى هامشية” إذا لم تصاحبها بوادر مماثلة من الولايات المتحدة بسبب ترسانة العقوبات المفروضة منذ عام 2019.
بين آمال كبيرة وحرية منشودة، كيف ترى السوريات واقعهن تحت الإدارة الجديدة في سوريا؟
ما بين التخوف من “الإسلام السياسي” و”العودة إلى حضن العروبة”، كيف نقرأ التحركات السورية تجاه دول الخليج؟
العَلَم الذي أثار جدلا حول مستقبل الحكم في سوريا