مصر تستعين بالذكاء الاصطناعي لمحاصرة التهرب الضريبي

7

 

مصر تنفذ خطة جديدة تهدف إلى تحسين الأداء الجمركي وتوفير رقابة أكثر دقة على حركة السلع المستوردة.
القاهرة – تعتزم مصر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمكافحة التهرب الجمركي في الموانئ، وذلك عبر تنفيذ خطة جديدة تهدف إلى تحسين الأداء الجمركي وتوفير رقابة أكثر دقة على حركة السلع المستوردة، بحسب ما كشفه مسؤول حكومي الأحد.

ويرى البعض أن التوجه نحو استخدام الذكاء الاصطناعي يعكس اهتمام الحكومة بتطوير البنية التحتية الرقمية وأيضا تعزيز الشفافية والمساءلة المالية.

وتساعد التكنولوجيا الحديثة في رصد الأنماط غير الطبيعية أو المشبوهة في الأنشطة التجارية والمالية، ما يسهل اكتشاف المحاولات غير القانونية للتحايل على النظام الضريبي.

ومن خلال تحليل البيانات الضخمة يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد المناطق التي تحتاج إلى تدقيق وتوجيه الجهود التفتيشية بشكل أكثر فاعلية.

كما أن هذه الأنظمة يمكنها مساعدة مصلحة الضرائب في تحديد الأفراد والشركات الذين ربما يكونون قد أخفوا إيراداتهم أو قدموا معلومات مغلوطة.

فصل جديد في الصراع بين نتنياهو ورئيس «الشاباك».. السر في «بن غفير»

وأفصح المسؤول لبلومبيرغ الشرق، لم تكشف هويته، أن النظام الجديد سيبدأ بشكل تجريبي في الموانئ، على أن يتم تطبيقه فعليا في غضون 6 أشهر.

ولفت إلى أن النظام الجديد سيعتمد على الذكاء الاصطناعي لجمع بيانات دقيقة عن أسعار السلع المستوردة من الموردين العالميين، ما يساعد في تحديد الأسعار بدقة وتوحيدها في جميع الموانئ، وبالتالي تقليل الفروق السعرية التي كانت تحدث سابقاً.

وقال إن “النظام الجديد سيساهم في توحيد منشورات الأسعار في جميع الموانئ، ما يمنع حدوث أي اختلافات أو أخطاء في تقدير الأسعار… هذا التغيير سيسهم بشكل كبير في حماية حقوق الخزانة العامة ويقلل من التلاعب.”

وحتى الآن يشكل الموظفون أصحاب الدخول الثابتة أكثر الفئات التزاما بسداد الضرائب للدولة، فهم يدفعون نحو 37 في المئة من إجمالي حصيلة ضريبة الدخل يليهم كبار الممولين من المستثمرين ورجال الأعمال.

أما الفئات الأكثر تهربا من الضرائب فتشمل الأطباء والمدرسين ولاعبي كرة القدم، حيث إن حصيلة هذه الفئات لا تتخطى واحدا في المئة من الحصيلة الضريبية رغم أنها من الأعلى دخلا.

وتقدر جمعية خبراء الضرائب المصرية أن التهرب الضريبي رغم انخفاضه لا يزال يمثل مشكلة رئيسية تحرم خزانة الدولة من نحو 800 مليار جنيه (نحو 26 مليار دولار) سنويا، ما يتطلب حلولا عاجلة خاصة بالنسبة إلى الفئات الأكثر تهربا من الضرائب.

وبحسب الجمعية، انخفضت نسبة التهرب من 55 إلى 40 في المئة خلال الفترة بين 2021 و2023 بفضل الأنظمة الإلكترونية وتطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية.

ومن المرجح أن تشهد هذه العمليات المزيد من الانحسار لتتراجع إلى قرابة 25 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي مع اكتمال خطوات جعل المنظومة الضريبية إلكترونية بالكامل.

وبحسب تصريحات المسؤول، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته كون المعلومات غير معلنة، فإن النظام سيعمل على إنشاء قاعدة بيانات موحدة لأسعار السلع المستوردة، بحيث يتم اعتماد نفس الأسعار في جميع الموانئ المصرية.

وحاليا يوجد تفاوت في تقدير القيم الجمركية لنفس السلعة بين ميناء وآخر، وهو ما يفتح المجال للتلاعب أو الخطأ في التقييم الجمركي.

وعزا المسؤول هذه الخطوة إلى سعي بلاده لتعزيز الرقابة على المنافذ الجمركية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك لضمان عدم حدوث أي عمليات تلاعب أو تهريب.

كما تهدف إلى تحسين الإجراءات الجمركية من خلال تسريع المعاملات، وتقليل التفاوت في التقديرات الجمركية بين الموانئ المختلفة، ما يسهم في زيادة الدقة والشفافية في العمل الجمركي.

وقفزت حصيلة مصر من الضرائب الجمركية في النصف الأول من السنة المالية الحالية التي تنتهي أواخر يونيو المقبل، بنحو 50 في المئة على أساس سنوي لتسجل 62.69 مليار جنيه (2.04 مليار دولار)، بزيادة قدرها 680 مليون دولار على أساس سنوي.

وكشف المسؤول أيضا أن الحكومة بصدد تعيين 1500 مأمور جمركي، سيتم توزيعهم على الموانئ الأكثر تعرضا للتهريب، مثل بورسعيد وسفاجا والسلوم، بهدف زيادة فاعلية عمليات التفتيش وتقليل التهريب في تلك المناطق.

وتقوم الضرائب بدور محوري في تحديد مناخ الاستثمار في أيّ دولة، وفي مصر يُعدّ توحيدها من أهم الخطوات التي يمكن أن تسهم في تحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وتتجه الأنظار نحو البلد بوصفه إحدى أبرز الأسواق الناشئة التي تمتلك إمكانات كبيرة للنمو الاقتصادي، إلا أن البيروقراطية وعدم استقرار السياسات الضريبية قد يشكلان عائقا أمام جذب الاستثمارات التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية.