مصير غزة ..ومستقبل حماس السياسي

5

عصام أبوبكر

تُظهر التحليلات والمشاهد الأخيرة أن الحديث عن بقاء حماس قوية مجرد وهم فالعرض العسكري واستعراض الأسلحة القديمة والوجوه المقنعة لا يعكسان إلا حقيقة واحدة: أن غزة مقبلة على مرحلة أكثر دمارًا وربما اجتثاثًا نهائيًا فمستقبل حماس وبقاءها أصبح مرهونا ببقاء سكان غزة واستمرار حماس يتطلب أولًا وجود سكان في غزة، وهو أمر يتعرض لضغوط كبيرة مع تزايد التهجير التدريجي الذي يجري على مراحل متسارعة. فالشعب الذي من المفترض أن يدعم حماس، يجد نفسه في مواجهة خطر النزوح المستمر والتهجير القسري أو الطوعي .

كما تحتاج حماس للاستمرار إلى دعم اقتصادي لكن هذا الدعم يكاد يكون مستحيلًا من جانب إيران الجهة الممولة لحماس ومع منع اسرائيل دخول اي سنت إلى غزة وفي ظل الحصار الاقتصادي الخانق والضربات العسكرية المحتملة.فايران وخلال السنوات الثلاث المقبلة، قد تجد نفسها في وضع شبيه بما حدث في العراق وسوريا، وهذا ما يدفعها ان ترفع يدها عن دعم حماس ماديا وعسكريا لمحاولة منها للتقارب مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ،ويبقي الحصار الاقتصادي هو خيار ترامب في المرحلة القريبة والضربات العسكرية ليست ببعيدة عنها ….

كذلك تواجه حماس الرفض الإقليمي والعزلة السياسية، فمصر ترى في حماس تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي تمامًا كما تعاملت مع الإخوان المسلمين فالنظام المصري بدعم من الجيش والشعب لن يسمح بعودة تيارات إسلامية للحكم أو التأثير،كذلك الدول الإقليمية والدولية التي قد تلعب دورًا في إعادة إعمار غزة، مثل السعودية والإمارات وأوروبا والتي ستكون تحت النفوذ الأمريكي والإسرائيلي لن تسمح بوجود حماس ما يعني أنها لن تقبل بأي دور لحماس أو حتى لأي وجود حمساوي داخل القطاع فإعادة الإعمار، ستكون خاضعة لشروط صارمة تفرضها الجهات الممولة، والتي لن تسمح بأي وجود لحماس أو حتى لفلسطينيين يمكن أن يشكلوا تهديدًا مستقبليًا

فضلا عن الدمار الشامل في غزة وعدم قابلية السيطرة فالقطاع لم يعد صالحًا للحياة، وأي جهة تحاول فرض هيمنتها بما فيها حماس ستجد نفسها في مواجهة كارثة إنسانية واقتصادية غير مسبوقة ولن تستطيع اساسا إدارة السكان دون قوة سياسية واقتصادية وبالتالي محاولة الاستعراض العبثي كنوع من إثبات الذات ما هو إلا مزيدا من الضياع ،كما أن الاغتيالات المتسارعة لقيادات حماس فالقيادة السياسية والعسكرية لحماس مستهدفة بشكل مباشر، ومع تصاعد العمليات الأمنية، فإن من تبقى من القادة قد يكون مصيرهم الاغتيال، مما يزيد من حالة التفكك الداخلي

من الواضح أن حركة حماس قد انتهت وفقدت مكانتها السياسية، سواء داخل الساحة الفلسطينية أو الإقليمية.
حماس مشروع قد انتهت مهمته
حماس كانت مشروعًا إسرائيليًا منذ نشأتها في عام 1987 بقيادة رابين، وقد استُخدمت لفترة معينة، لكن الآن انتهى دورها. أي محاولات للاستعراض العسكري لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد الذي سيدفع ثمنه سكان غزة بعد استكمال تسليم جميع الرهائن وفي ظل التغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط، يبدو أن الإسلام السياسي بشكل عام، وحماس بشكل خاص، يواجهان رفضًا متزايدًا على المستوى العالمي. عدم قبول قادة حماس لهذا الواقع قد يؤدي إلى تصعيد خطير، قد يتضمن اغتيالات مباشرة لقادتهم

أما غزة فهي تقف الأن عند نقطة تحول خطيرة، والمشهد الحالي يُظهر أن التغيير القادم سيكون قاسيًا. الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كبرى، لكن المؤكد أن غزة لن تعود كما كانت، وأن مستقبلها مرهون بقرارات القوى الإقليمية والدولية أكثر مما هو مرهون بقدرة أي فصيل على فرض إرادته.

أما بالنسبة لسكان غزة، فإن مصيرهم قد يكون مرتبطاً بخروجهم التدريجي من القطاع، وعلى مراحل، بقرار ذاتي أو دولي. كما أن قضية إعادة إعمار غزة لن تكون لصالح الفلسطينيين، بل ستكون مرهونة بشروط الدول الداعمة والحليفة لأمريكا وإسرائيلل ، وبالنسبة لإعادة تشكيل حكم غزة. فالسيناريو المطروح قد يتضمن تقسيم غزة بين قوى دولية، عربية، وأمريكية، مع تمثيل فلسطيني محدود. الهدف النهائي قد يكون تحويل غزة إلى منطقة ذات سيطرة أمريكية مباشرة، بما يتيح لواشنطن تنفيذ مشاريع اقتصادية وأمنية طويلة المدى، مع تحويلها إلى منطقة اقتصادية شبيهة خلال عقد أو أكثر، لتغيير طبيعة المنطقة بأكملها.

ما يحدث الأن هو مرحلة تدمير لبعض الأماكن، مع العمل على دفع الغزيين لمغادرة غزة تدريجيًا وعلى مدار سنوات بطريقة تبدو طوعية. وسيتم تفتيت الحكم في غزة عبر إدخال قوات متعددة الجنسيات، ووجود فلسطيني جزئي لا يتمثل بالسلطة الفلسطينية، مع دور بارز للمؤسسات الفلسطينية الاقتصادية في تقديم المساعدات وإعادة الإعمار.