نازحون غزّيون ينتظرون الهدنة للعودة إلى ديارهم
في مساحة نصبت فيها خيام في وسط غزة، ينتظر فلسطينيون نزحوا بسبب الحرب إلى أنحاء أخرى من القطاع شيئا واحدا بفارغ الصبر هو سريان وقف إطلاق النار ليتمكنوا من العودة إلى ديارهم.
منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، نزحت غالبية سكان غزة البالغ عددهم الإجمالي 2,4 مليون نسمة، مرة واحدة على الأقل إلى أنحاء أخرى من القطاع.
ومع ترقّب دخول اتفاق الهدنة الذي طال انتظاره حيّز التنفيذ الأحد، قد يتمكن هؤلاء من العودة إلى أحيائهم.
تعيش أم خليل بكر مع عائلتها في مخيم النصيرات حيث بذل نازحون فلسطينيون قصارى جهدهم لعيش حياة أشبه بالطبيعية، على الرغم من الحرب.
لأول مرة منذ 1985.. ترامب يُغيّر مكان حفل تنصيبه رئيسًا على خُطى «ريجان»
في المخيّم يعدّون الخبز في أفران طين بدائية، ويلعبون الورق لتمضية الوقت عندما يتوقف القصف، ويكنسون الشوارع.
إذا ترسّخ وقف إطلق النار، فسيبدأ الناس بالعودة إلى أحيائهم، على الرغم من المجهول الذي ينتظرهم. وقالت أم خليل في تصريح لوكالة فرانس برس “سآخذ خيمتي وأزيل ركام البيت وأنصب الخيمة على الركام حيث سأعيش مع أولادي، عشرة أشخاص”.
وتابعت “نعلم أن الطقس سيكون باردا ولن يكون لدينا بطانيات، لكن المهم هو أن نعود إلى وطننا إلى بلدنا”.
يشاركها نازحون آخرون يؤويهم المخيم تصميمها على إعادة بناء حياتها على الرغم من الدمار الهائل الذي سبّبته الحرب الدائرة منذ 15 شهرا.
وفق أم محمّد الطويل، أيا تكن أوضاع المنازل، تبقى مشقّة العيش في المخيم أسوأ بكثير.
وقالت “سنعود أيا تكن المصاعب التي قد نواجهها سنعود”، وأضافت “هذه ليست حياة، وليست عيشة”.
– “سنعيش في الخيمة” –
على بعد بضعة كيلومترات إلى الجنوب، في دير البلح، كانت عائلة مقاط تحزم أمتعتها القليلة في صناديق كرتون استعدادا للعودة إلى بيت لاهيا في شمال قطاع غزة.
تبحث العائلة عن شاحنة لتقلها إلى المنزل، وفق فاطمة مقاط التي أوضحت “سنأخذ الخيمة معنا… ونعيش فيها تماما كما بقينا هنا داخل الخيمة”.
مصدر مصري يكشف عدد الشاحنات التي ستدخل غزة من رفح يوميا
وأضافت “هناك سنعيش في الخيمة حتى يجدوا لنا حلا لإعادة الإعمار”.
لم تدخل الهدنة بعد حيّز التنفيذ ولم تنحسر بعد أعمال العنف.
الجمعة قال الدفاع المدني في غزة إن 113 شخصا على الأقل قتلوا في ضربات إسرائيلية للقطاع منذ إعلان قطر والولايات المتحدة التوصل لاتفاق.
حجم الدمار اللاحق بغزة من جراء الضربات جوية والقصف المدفعي وقتال الشوارع يؤشر إلى أن إعادة الإعمار قد تستغرق أكثر من خمس سنوات، وفق وكالات دولية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن إعادة بناء النظام الصحي لوحده ستكلف عشرة مليارات دولار وتستغرق ما بين خمس وسبع سنوات.
بحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فقد تضرّر، حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر، أو دُمّر ما يقرب من 69 بالمئة من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170,812 مبنى.
ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن إعادة الإعمار قد لا تنجز قبل العام 2040.
– “سأقبّل أرضي” –
الحرب في غزة أشعل فتيلها هجوم غير مسبوق شنّته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتسبّب هجوم حماس على إسرائيل بمقتل 1210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.
وقُتل أكثر من 46876 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة في غزة تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
شدّدت مقاط على أن الأمر الأصعب تخطيه هو الحزن على الأرواح التي زهقت في الحرب.
وقالت مقاط إن “غزة دمّرت وأعيد إعمارها مئات المرات… المنازل يمكن استبدالها لكن الأشخاص لا يمكن استبدالهم”.
في النصيرات، يتوق نصر الغرابلي للعودة إلى منزله ويقول “أنتظر صباح يوم الأحد حين سيعلنون وقف إطلاق النار لأكون أول من يدخل قطاع غزة. سأقبّل أرضي. أنا نادم بشدّة على مغادرة قطاع غزة وأرضي، لو متّ في أرضي لكان ذلك أفضل من النزوح”.