نتنياهو و”إسرائيل الكبرى” .. استعمار بوجه جديد وخريطة توسعية بلا حدود
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد يخفي شيئاً. في مقابلة متلفزة، أعلن نفسه صاحب “مهمة تاريخية وروحية” لقيادة ما يسميه مشروع “إسرائيل الكبرى”؛ رؤية توسعية لا تتوقف عند حدود فلسطين المحتلة، بل تمتد لتبتلع ما تبقى من أراضي الفلسطينيين، وأجزاء من الأردن ومصر، في إعادة إنتاج فجّة لأطماع استعمارية عمرها أكثر من قرن.
هذا التصريح يتجاوز النزوة الانتخابية أو الاستعراض السياسي، إلى إعلان حرب مفتوح على فكرة الدولة الفلسطينية، وعلى أي تصور للتسوية العادلة، وعلى القانون الدولي برمته.
فكرة “إسرائيل الكبرى” ليست اختراع نتنياهو. إنها امتداد مباشر لتراث صهيوني استيطاني بدأ مع تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية السياسية الحديثة، وازدهر مع شخصيات مثل زئيف جابوتنسكي — مؤسس التيار التنقيحي وأحد آباء اليمين الصهيوني، الذي دعا إلى دولة يهودية تمتد على ضفتي نهر الأردن، ورأى في القوة العسكرية الوسيلة الوحيدة لتحقيقها — قبل أن يترسخ هذا المشروع بعد نكسة 1967، حين تحول الاحتلال العسكري إلى سياسة ضم واستيطان ممنهجة.
منظمة الصحة تسعى لإدخال مزيد من الإمدادات إلى غزة قبل سيطرة إسرائيل عليها
أما اليوم، فقد تحوّل مشروع “إسرائيل الكبرى” تحت حكم نتنياهو واليمين الديني المتطرف من مجرّد فكرة أيديولوجية متداولة في كتب الحركة الصهيونية، إلى خطة تنفيذية على الأرض: قضم للأراضي الفلسطينية شبراً شبراً، تهويد ممنهج للقدس، حصار خانق لغزة حتى حافة المجاعة، وتطهير عرقي منظم في الضفة الغربية بغطاء ميليشيات المستوطنين.
كل ذلك يجري أمام أعين العالم، وبحماية أمريكية تضمن الإفلات من العقاب، وتمنح هذا المشروع الاستعماري حصانة سياسية ودبلوماسية كاملة.
