نهي جلال تكتب: اوروبوروس .. الزمن اللانهائي .. وتوازنات الإفراط والافتقار
أوروبوروس”OUROBOROS” الزمن اللانهائي، الولادات المتكررة، الخلود والكمال، فلسفة شديدة التعقيد أدركها المصريون القدماء وفهموها فهماً رائعاً ومعقداً، عبروا عنها باستخدم علم الرمزية حيث حملت تأويلات أوروبوروس فكراً فلسفياً ودينياً أيضاً، ينم عن إدراك ” لغز الأحياء ” الحياة، والموت ثم البعث.
نشأت أوروبوروس في الإيقونوغرافيا المصرية القديمة، فالأفعى التى تأكل ذيلها هى صورة رمزية للتجدد والخلود، فعملية نزع الأفعى جلدها ترمز إلى تناسخ الأرواح، بينما عض الأفعى لذيلها رمزاً للخصوبة، والذيل هنا رمزاً قضيبي، والفم رمزاً للرحم، المشهد بأكمله صُور بشكلاً دائري، والتصوير الدائري في السياق المصري القديم كان يعمل على المستويات النفسية، ربما كانت طقوس داخلية أو تخيلية من أجل التحول الذاتي أثناء ممارسة الطقوس الدينية المصرية قديماً أو استنساخ أرواح جديدة.
فهم الزمن أمرً شديد التعقيد، ولكن المصريون القدماء استطاعوا تلخيص ” لغز الزمن ” وعبروا عنه بصور رمزية باستخدام التصوير الدائري الأسطوري ” الأفعى تأكل ذيلها ” كاستعارة للزمن الدوري، ففيضان نهر النيل كان بمثابة بداية العام الجديد، فالوقت يتدفق عائداً إلى نفسه بحركة دائرية، كما أُعتقد أيضاً أن رحلة الشمس مصدراً للزمن المتجدد، الشمس تقوم برحلتها الليلية في مياه نون بشكلاً دوري، حيث تصارع الشر ثم تجد طريقها إلى السماء، وهنا استعارة بأن الوقت دوري ومتجدد ومتحرك بصورة دائرية.
والمدهش هنا أيضاً المصريون قديماً قاموا بتحليل الأنظمة المستقلة والمنتجة ذاتياً تحليلاً منطقياً باستخدم الرمز الأسطوري ” الثعبان يلتهم نفسه ” يموت الثعبان وينبثق من نفسه مرة أخرى، عملية للتكوين الذاتي، فلا حاجة لمساعدات وقوى خارجية أو خارقة، فالإعتماد على قوة الذات وهو حل رائع يضمن الأستمرارية! والتجدد يضمن الخلود، فالطبيعة تتحرك بشكلٍ دائري، وعلى البشر التعلم من الطبيعة المنتجة ذاتياً من أجل البقاء.
والجدير بالذكر هنا أن تأويلات أوروبوروس المصرية حملت الكثير من الفكر الفلسفي والديني، ورأوا أن تحديد السلوك البشري يعتمد كل الإعتماد على التوازنات بين الإفراط والأفتقار، فالتوازن يحقق النظام الكوني، والإفراط يضر بالفرد والمجتمع، وكذلك الإفتقار والمرض والجهل يضروا بالفرد والمجتمع معاً.