واشنطن وسيول .. تنسيق مشترك استعدادا لأي حرب نووية محتملة مع بيونغ يانغ
رست غواصة أميركية مسلحة نووياً في أحد مرافئ كوريا الجنوبية، وذلك للمرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي، بينما يتشاور المسؤولون في واشنطن وسيول للتنسيق في حالة نشوب حرب نووية مع كوريا الشمالية.
وتمر العلاقات بين الكوريتين حالياً بأسوأ أحوالها على الإطلاق، في وقت يدعو فيه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لتطوير مزيد من الأسلحة، بما في ذلك أسلحة نووية تكتيكية.
وعززت كل من واشنطن وسيول تعاونهما الدفاعي في مواجهة تجارب كوريا الشمالية للأسلحة، وأجرتا تدريبات عسكرية مشتركة. وعقدتا (الثلاثاء) أول اجتماع لـ«المجموعة الاستشارية النووية (NCG)»، التي تهدف إلى تحسين التنسيق النووي بين البلدين، وتعزيز استعداداتهما العسكرية في مواجهة كوريا الشمالية.
ووصلت الغواصة «يو إس إس كنتاكي»، وهي غواصة صواريخ باليستية من طراز «أوهايو»، إلى ميناء بوسان في كوريا الجنوبية (الثلاثاء)، وفقاً لبيان صادر عن الجيش الأميركي.
وتتميز الغواصة بقدرتها على التخفي، ويصل طولها إلى 560 قدماً، وهي قادرها على حمل 20 صاروخاً من طراز «Trident II D5» ويمكن لكل صاروخ حمل 8 رؤوس نووية، قادرة على الوصول لأهداف يصل مداها إلى 12 ألف كيلومتر، ويتم تشغيل الغواصة بواسطة مفاعل نووي واحد.
ويوضح الخبراء العسكريون أن وجود غواصة قبالة الساحل يمكن أن يقلل الوقت الذي سيستغرقه الرد النووي على كوريا الشمالية إلى بضع دقائق فقط، وكوريا الشمالية ليست لديها تقريباً دفاعات ضد الغواصات الأميركية.
وتم الإعلان عن إرسال غواصة الصواريخ النووية في أبريل (نيسان) الماضي في «إعلان واشنطن»، الذي وقعه الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، خلال زيارة الدولة التي قام بها يون إلى البيت الأبيض، والتي ركزت على القضايا الدفاعية، وتهديدات كوريا الشمالية باستخدام الأسلحة النووية، وقيامها بعديد من التجارب الصاروخية الباليستية.
وفي بيان مشترك، قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إنهما عملتا على تطوير بروتوكولات لتبادل المعلومات. وأكد البيان أن «أي هجوم نووي من كوريا الشمالية ضد الولايات المتحدة أو حلفائها غير مقبول، وسيؤدي إلى نهاية هذا النظام».
وخلال زيارة مسؤولي الإدارة الأميركية لسيول (الثلاثاء)، أعلن منسق البيت الأبيض في شؤون المحيطين الهندي والهادئ، كورت كامبل، للصحافيين عقد الاجتماع الافتتاحي لما يعرف بـ«المجموعة الاستشارية النووية»، الذي يناقش أفضل السبل لإدارة الأصول النووية الأميركية في المنطقة.
وقال كامبل: «نعلن اليوم تشكيل المجموعة الاستشارية النووية، وهدفها القيام بجهود متكاملة لتأكيد أعمق التزام ممكن، ليس فقط بالحفاظ على السلام والاستقرار، بل لضمان أن يظل ردعنا النووي قوياً وثابتاً، ويمكن الاعتماد عليه».
وقال نائب مستشار الأمن القومي لكوريا الجنوبية، كيم تاي هيو، إن المجموعة الاستشارية النووية ستعقد اجتماعات كل 3 أشهر، وسيكون الاجتماع المقبل في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في الولايات المتحدة.
وتمنح المجموعة الاستشارية النووية كوريا الجنوبية دوراً أكبر في تحديد كيفية نشر أميركا مظلاتها النووية. وحصل الرئيس الكوري الجنوبي يون من بايدن على التزامات أميركية بردع تهديدات كوريا الشمالية، إلا أن القرار النهائي بشأن استخدام الأسلحة النووية بيد الولايات المتحدة. وتعهدت الولايات المتحدة بنشر مزيد من الأصول الاستراتيجية العسكرية مثل حاملات الطائرات والغواصات والقاذفات بعيدة المدى في كوريا الجنوبية لردع كوريا الشمالية.
ودانت كوريا الشمالية «المجموعة الاستشارية النووية» بوصفها «أداة حرب نووية»، وطالبت بإنهاء نشر الغواصات الأميركية. وفي الوقت نفسه، رفضت طلبات من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية للعودة إلى محادثات نزع السلاح النووي المتوقفة منذ فترة طويلة.
وقالت كيم يو جونغ، الشقيقة القوية للزعيم الكوري الشمالي، في بيان: «يجب أن تعلم الولايات المتحدة أن نظام الردع والتحالف العسكري الموسع بشكل مفرط، هو كيان مهدد، لن يؤدي إلا إلى جعل كوريا الديمقراطية تبتعد أكثر عن طاولة المفاوضات».
وهددت كوريا الشمالية جيرانها بإطلاق عديد من الصواريخ الباليستية، وأثارت بتجربتها إطلاق صاروخ عابر للقارات الأسبوع الماضي، غضب وقلق الإدارة الأميركية التي أدانت التجربة، وحثت بيونغ يانغ على المجيء لطاولة المفاوضات؛ لإجراء محادثات جادة.
وقد اختبرت بيونغ يانغ صاروخ «هواسونغ 17» في مارس (آذار) الماضي، وصاروخ «هواسونغ 18» الأقوى في أبريل، والذي قال الزعيم كيم يونغ أون في حينه إنه سيوفر لبلاده «وسائل هجوم استراتيجية قوية»، ويعزز قدراتها النووية.
ووضع كيم خطة طموحة لمنح كوريا الشمالية رادعاً نووياً موثوقاً به، مما يعني وجود ترسانة أسلحة قوية بما يكفي لمنع أي خصم، خصوصاً الولايات المتحدة، من الهجوم.
ويقول الخبراء إن تقدم كوريا الشمالية من صاروخ «هواسونغ 17» العام الماضي، إلى «هواسونغ 18» هذا العام، يشير إلى أن برنامجها الصاروخي يحرز تقدماً، مما يعكس هدف كيم المتمثل في مطابقة القدرات العسكرية لدول أخرى مثل الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية.
ويقول الخبراء إن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تعمل بالوقود الصلب يمكن نقلها بسهولة أكبر لتجنب اكتشافها قبل الإطلاق الذي يمكن البدء فيه في غضون دقائق، مقارنةً بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، التي قد تحتاج إلى ساعات قبل الإطلاق، مما يتيح وقتاً لاكتشاف السلاح وتحييده. ويمكن للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، من الناحية النظرية على الأقل، أن تصل إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، لكن هناك الكثير من الشكوك حول قدرة الصاروخ على إيصال حمولة نووية إلى الهدف؛ لأن وزن الحمولة يؤثر على المدى الذي يمكن أن يطير فيه الصاروخ. ويشكك المراقبون في المعلومات حول المدى الفعلي للصاروخ.