د. ماك شرقاوي يكتب: السيسي يضع الخطوط الحمراء: هل ينجح الانفتاح الإيراني في اختراق الجدار المصري؟

6

بعد أكثر من أربعة عقود من القطيعة، تعود العلاقات المصرية الإيرانية إلى الواجهة، لكن هذه المرة وسط رياح إقليمية متحركة وضغوط دولية متزايدة على الطرفين. وبينما تفتح طهران أبوابها للمصافحة، تبقي القاهرة يدها على المقبض، دون أن تفتحه كليًا.

طهران تُغازل… والقاهرة تترقب
في الأشهر الأخيرة، تبادلت العاصمتان زيارات دبلوماسية على مستوى وزراء الخارجية، وعبّرت طهران عن رغبتها في “علاقات طبيعية” مع القاهرة. لكنّ التصريحات المصرية جاءت مشروطة وواضحة: لا تطبيع دون احترام السيادة العربية، ووقف دعم الميليشيات، وتسليم مطلوبين أمنيًا.

الماضي حاضر بقوة
المشهد ليس جديدًا. فمنذ استقبال مصر للشاه عام 1979 ودفنه في مسجد الرفاعي، دخلت العلاقات نفقًا مظلمًا. تفاقم الأمر حين أطلقت إيران اسم “خالد الإسلامبولي” على أحد شوارعها. وبدت الرسالة واضحة: المصافحة ممنوعة حتى إشعار آخر.

تغيّرت الظروف.. فهل تتغيّر السياسات؟
اليوم، تدفع التحولات الجيوسياسية — من التقارب السعودي الإيراني بوساطة صينية، إلى توتر الملاحة في البحر الأحمر، والحرب في غزة — طهران إلى البحث عن “صوت عربي وازن” يُعيد لها بعض التوازن. ومصر، بثقلها الإقليمي، هي الخيار المنطقي.

لكن القاهرة تُدرك جيدًا أن إيران لا تغيّر سياساتها بسهولة، خصوصًا في ملفات شائكة مثل دعم الحوثيين في اليمن، أو العلاقة بحركتي حماس والجهاد في غزة.

الحكم ليس بالنوايا.. بل بالأفعال
تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري كانت حازمة: لا خلاف على ضرورة الحوار، لكن “النية الطيبة لا تكفي”. الرسالة واضحة: مصر لن تفتح بواباتها دون ضمانات صلبة.

علاقات باردة.. لكنها لا تُستبعد
العلاقات اليوم توصف بأنها “هادئة لكن غير دافئة”، أو كما يصفها مراقبون: مصافحة من بعيد بلا عناق. القاهرة تدرك أهمية عدم استعداء إيران، لكنها لا تثق بها بما يكفي لتطبيع كامل.

هل يتحقق التقارب؟
الإجابة حتى الآن: نعم، ولكن بحذر. فالعلاقة تحتاج إلى وقت، إلى خطوات إيرانية صادقة، وإلى تنازلات استراتيجية حقيقية من طهران.

وإلى أن يحدث ذلك، ستظل مصر تُمسك العصا من المنتصف، تُرحّب بالحوارات وتُراقب الأفعال، فيما تبقى “اللاءات الخمس” حاضرة على طاولة الرئيس السيسي.

د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي

رابط الحلقة :

YouTube player