طرابلس… مدينة الأبواب والأسواق والحكايات التي لا تموت
بقلم: حنان الشيخ
𝒯𝓇𝒾𝓅𝓸𝓁𝒾 𝒩𝓮𝓌𝓈
في قلب الشمال، تقف طرابلس شامخة بهويتها، نابضة بتاريخها، دافئة بأهلها، وصادقة في تفاصيلها.
هي المدينة التي لا تتجمّل لتُعجبك، بل تُبهرك بعفويتها وأصالتها.
طرابلس… مدينة الأبواب الثلاثة:
باب الحديد، باب الرمل، وباب التبانة، أسماء لا تزال محفورة في ذاكرة المدينة.
يُقال إن هذه الأبواب كانت تُقفل ليلاً لحمايتها، وكانت تفصل بين عالمين: هدوء الداخل، وحركة القادمين.
باب الرمل يستقبل الزوار من الساحل، باب الحديد مدخل الحرفيين والباعة، أما باب التبانة فبوابة الأسواق ووجهة المتسوقين.
أما الأسواق… فهي حكاية لا تنتهي:
سوق الكندرجية: حيث تُصنع الأحذية يدويًا، وتحفظ المهنة كما ورثها الأجداد.
سوق العريض: شارع شعبي ينبض بالحياة، تتداخل فيه الأصوات والروائح والقصص.
سوق القمح: كان مركزًا لتخزين وتجارة القمح، وما زال يحمل اسمه من ذاكرة الرغيف.
سوق البازركان: سوق متنوّع، يمثّل نبض الشارع الطرابلسي بتنوّع بضائعه وزبائنه.
سوق النحاسين: فيه تُطرَق التحف والصواني والأدوات النحاسية كما كانت قبل مئات السنين.
كرم العلالي (سوق الذهب): متحف مفتوح للمجوهرات. الخواتم تُنقش يدويًا، والأسماء تُحفر على عين الزبون، بأنامل طرابلسية صافية.
سوق العطارين: روائح الأعشاب، والعطور الشرقية، وأسرار العلاجات الشعبية تعبق في كل ركن.
سوق الحرج: من أقدم الأسواق المفتوحة، بتاريخه الشعبي وموقعه المحوري.
وبين الأسواق، صناعة الصابون بجانب خان الخياطين، شاهداً على تراث عريق.
فيه تُصنَع قطع الصابون الطرابلسي الشهيرة، التي تجمع بين الرائحة والنقاء، وتُصدّر كرمز من رموز المدينة.
طرابلس ليست فقط أسواقًا، بل تجربة متكاملة.
أسواقها مسقوفة، فلا شمس تُرهقك، ولا مطر يوقفك.
أسعارها في متناول الجميع، والخضار والفواكه فيها طازجة ومنخفضة الكلفة مقارنة بغيرها.
والأجمل؟ أنك ستجد دائمًا ابتسامة، ونصيحة، وحديثًا من القلب.
ورغم كل هذا السحر، فإن واقع المدينة لا يخلو من التحديات:
شبابٌ كثر بلا عمل، ووجوهٌ تُكافح لتعيش، ومع ذلك… لا ضجيج، لا شكوى، بل حياة يومية تسير بخطى صبورة وإصرار واضح.
طرابلس ليست وجهة سياحية فحسب، بل قصة تُعاش… وكل زائر يخرج منها حاملاً شيئًا منها، لا يُنسى.