غزة.. بين ضغوط إسرائيل العسكرية ومساعي التهدئة
في ظل تصاعد وتيرة العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، تدخل الحرب مرحلة جديدة تتسم بحدة المواجهات واتساع رقعة الاستهداف، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.
وبينما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية قصفها المكثف للأحياء المدنية والبنى التحتية، تتعدد القراءات حول دوافع تل أبيب للإصرار على استمرار العمليات العسكرية، في مقابل إجماع دولي آخذ في الاتساع يطالب بوقف الحرب.
وتتعاظم التساؤلات حول مآلات هذا التصعيد وحدود قدرة إسرائيل على الاستمرار في تجاهل نداءات المجتمع الدولي.
واشنطن تنفي موافقة حماس على مقترح هدنة في غزة وإطلاق سراح رهائن
كثفت إسرائيل غاراتها الجوية والبرية على قطاع غزة، مستهدفة مراكز حيوية ومخيمات مكتظة بالسكان، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين بشكل كبير.
وتزامن ذلك مع نشر تعزيزات عسكرية جديدة على حدود القطاع، في مؤشر واضح على نية تل أبيب مواصلة الحملة العسكرية. وقد أعلنت القيادة العسكرية الإسرائيلية عن “المرحلة الحاسمة من الحرب”، في تحدٍ صريح لأي جهود تهدئة.
إسرائيل تقاتل على جبهتين
الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، مائير كوهين، اعتبر خلال حديثه إلى “غرفة الأخبار” على “سكاي نيوز عربية” أن تل أبيب تخوض الآن حربا مزدوجة: الأولى عسكرية ضد حركة حماس في غزة، والثانية سياسية ضد المجتمع الدولي.
وأوضح كوهين في تصريحاته أن “الحكومة الإسرائيلية ترى في استمرار الضغط العسكري الوسيلة الوحيدة لتحجيم نفوذ حماس، وهي لا تكترث حاليا بالضغوط الأوروبية أو حتى الأميركية، ما دام الرأي العام الإسرائيلي يدعم العمليات العسكرية”.
ورغم اعترافه بوجود خلافات داخل المؤسسة الأمنية حول مدى نجاعة هذه الحملة الطويلة، إلا أن كوهين أشار إلى أن “القيادة السياسية تعتقد أن التراجع الآن سيُفهم كضعف، خصوصا في ظل أجواء التوتر الإقليمي”.
غزة بين الحرب ومساعي التهدئة
من جهته، يرى الكاتب والباحث السياسي، نضال خضرة، أن التصعيد العسكري الحالي هو انعكاس لأزمة داخلية إسرائيلية متراكمة.
وأكد خضرة أن “الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو، تحاول توظيف الحرب لأهداف سياسية داخلية، في مقدمتها ترميم شعبيته المتآكلة، وتجاوز أزماته القضائية”.
وأضاف أن “الخطاب الإسرائيلي بات أكثر راديكالية، مع غياب أي صوت عاقل داخل المشهد السياسي يدعو لوقف القتال أو النظر في حلول سياسية”.
ولفت إلى أن “استمرار الحرب رغم المجازر المتكررة، يكشف عن غياب كامل لأي استراتيجية طويلة الأمد لدى إسرائيل، باستثناء خيار القوة الغاشمة”.
تل أبيب تراهن على الزمن والإنهاك
اعتبر الكاتب والصحفي محمد قواص، أن إسرائيل تعتمد في هذه المرحلة على ما يسميه بـ”تكتيك الإنهاك المزدوج”، أي إنهاك الجبهة الداخلية في غزة وإنهاك الإرادة الدولية بالوقت.
وقال قواص إنه “كلما تأخرت الدعوات الدولية في التحول إلى قرارات تنفيذية ملزمة، شعرت إسرائيل بارتياح أكبر لمواصلة حربها”.
وتابع: “من الواضح أن واشنطن لم تُفعّل بعد أدوات الضغط الحقيقية على إسرائيل، وهو ما يسمح لتل أبيب بتجاهل البيانات الدولية والاستمرار في تنفيذ أجندتها العسكرية”.
وأشار إلى أن المعضلة الأكبر تكمن في غياب أفق سياسي، ما يعني أن الحرب ستظل مفتوحة على المجهول.