تقرير : تأثير الولايات المتحدة على السياسة السويسرية في الشرق الأوسط

9

قال تقرير حديث نشرته وكالة النباء الفرنسية عن سياسة الولايات المتحدة  أن وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض فتح الباب أمام تساؤلات

 حول مدى فعالية الدور الذي يمكن أن تلعبه واشنطن في عملية السلام بين الإسرائيليين

والفلسطينيين، وما اذا كانت سويسرا ستستمر في أخذ إشاراتها من السياسة

الأمريكية في المنطقة أم من الممكن صياغة إستراتيجية خاصة بها كوسيط سلام؟

وتطرق التقرير إلى اعطاء الإدارة الأمريكية الجديدة بعض التلميحات حول المنحى الذي ستسلكه الولايات المتحدة في الصراع الطويل الأمد في الشرق الأوسط.

وقال المسؤولون إن البلاد ستنقض كثير من الخطوات – وليس كلها – التي اتخذها سلف بايدن، وستدعم مرة أخرى حل الدولتين.

إلا أنّ انعدام الثقة بين الطرفين، كما كان الحال دائماً، كبير ولا سيّما بعد أربع سنوات من السياسات الأمريكية التي انحازت بشدة

إلى المصالح الإسرائيلية في ظل دونالد ترامب. وكان القادة الفلسطينيون قد أشاروا إلى رغبتهم في وجود مشاركة دولية أكبر

في عملية السلام، بغية التخلّص من الولايات المتحدة كوسيط وحيد.

وبكل المقاييس، يبدو أن السويسريين على استعداد للارتقاء إلى المستوى المطلوب؛ ففي زيارة للمنطقة في نوفمبر 2020،

عرض وزير الخارجية، إينياتسيو كاسيس، مساعي بلاده الحميدة لتسهيل آليات الحوار الإسرائيلي الفلسطيني؛ علماً بأن سويسرا لطالما روجت لحل الدولتين.

ومع ذلك، لا تنم المرحلة عن تحضيرات قريبة لاستئناف المحادثات بين الطرفيْن. ووفقاً للخبراء، فإن الكثير مما يتعلّق بهذا

الشأن، يتوقّف على قدرة بايدن على الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد إشارات رمزية نحو السلام.

تهميش الفلسطينيين

لدى الرئيس الأمريكي الجديد قائمة طويلة من السياسات “الترامبية” التي يجب إعادة النظر فيها؛ فقد أقرّ سلفه بأن القدس

هي عاصمة لإسرائيل وبأن مرتفعات الجولان هي أراضٍ إسرائيلية، وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل

اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) – وكان يدير شؤونها آنذاك سويسري (ثم خلفه سويسري آخر)- والتي كانت ولا تزال تقدم

المساعدة للاجئين الفلسطينيين، كما قام بإغلاق مكتب منظّمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ولعب دور الوسيط فيما

يسمى باتفاقات أبراهام التي ترمي إلى تطبيع العلاقات بين دولة إسرائيل ودول الخليج.

كما دعم وأيّد بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية، وكان ذلك بمثابة خروج عن الموقف التقليدي للولايات

المتحدة، كموقف معظم الدول، في اعتبار هذا النوع من الأنشطة انتهاكاً للقانون الدولي. وفي هذا الصدد، يصرح لوران

غويتشيل، مدير معهد “سويس بيس” السويسري لأبحاث السلام قائلاً: “لم يكن هناك من دور للفلسطينيين في سياسة [ترامب] – لقد تم تهميشهم بالكامل”.

 

الموقف السويسري

كما شهدت سويسرا أيضاً منعطفاً في سياستها تجاه الشرق الأوسط خلال سنوات ترامب. ويقول غويتشيل، الذي يدرّس العلوم

السياسية في جامعة بازل، إن ابتعاد الولايات المتحدة عن مسار المفاوضات كان يعني أيضاً تهميشاً للموقف السويسري

التقليدي المتمثل في دعم الحوار والمساهمة في التوصل إلى نتيجة تفاوضية بين طرفيْ النزاع.

وتزامنت السنة الأولى لتولّي ترامب منصبه مع وصول كاسيس على رأس وزارة الشؤون الخارجية السويسرية في عام 2017.

وبحسب غويتشيل، تميّزت فترة حكم السياسي الليبرالي الراديكالي، المقرب من اللوبي الموالي لإسرائيل في سويسرا، بنزعة

أكثر محافظة للسياسة في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن السويسريين احتفظوا بسفارتهم في تل أبيب بعد قرار ترامب

لعام 2018 وتمسكوا برؤية حل الدولتين، إلا أن ما كان يجري على أرض الواقع كان يشير إلى أن بلد جبال الألب كان يأخذ الإشارات

التي تحكم توجه سياستها من أمريكا.