طالبت أنقرة بزيادة الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي،
وبروكسل بالتحديد، نظرا لتزايد عدد اللاجئين في تركيا،
وفق تقرير نشرته صحيفة “دويتشي فيلله” الألمانية،
وتحدثت فيه عن سياسة اللاجئين في تركيا بعد خمس
سنوات من اتفاقية اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
وجاء في التقرير أن الاتفاقية “هشة” ولا تحرز تقدما بسبب نقص المساعدات المالية التي تعهدت بها بلجيكا لتغطية تكاليف
اللاجئين والمساعدة على حل الأزمة الاقتصادية، بينما ترى الحكومة الفيدرالية أنها ناجحة وفعالة.
ومن جهته، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تجديد اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، مبررا ذلك بالارتفاع الحاد
لأعداد اللاجئين، فضلا عن النازحين القادمين من شمال سوريا، التي دخلت إليها القوات التركية وتقع، حاليا، تحت سيطرة أنقرة.
اتفاق اللاجئين
اتفق الاتحاد الأوروبي وتركيا في 18 مارس / آذار 2016 على إعلان “اتفاق اللاجئين” بسبب التحركات المتزايدة من قبل السوريين باتجاه أوروبا.
ونص الاتفاق على أن تتخذ أنقرة إجراءات ضد الهجرة غير القانونية إلى الاتحاد الأوروبي ويمكّن اليونان من إعادة المهاجرين
الواصلين إلى أراضيها نحو تركيا، وفي المقابل، يستقبل الاتحاد الأوروبي لاجئا سوريا من تركيا مقابل كل سوري يتم إعادته،
ويدعم الدولة ماليا لرعاية اللاجئين. وكجزء من اتفاق اللاجئين، تعهدت بروكسل بدفع 1.5 مليار يورو سنويا لدعم أنقرة.
وبالإضافة إلى المساعدات المالية، وعدت الحكومة التركية بآلية أكثر سهولة لمنح التأشيرات للأتراك وتوسيع الاتحاد الجمركي،
إلا ان الخلافات السياسية وتباين وجهات النظر حول احترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة مع أردوغان بالإضافة لأسباب سياسية،
عطلت إحراز تقدم بشأن هاتين النقطتين خلال السنوات الخمس الماضية.
ولكن الاتفاق ساعد على انخفاض عدد المهاجرين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية بشكل ملحوظ، فبينما وصل حوالي 875 ألف
شخص في عام 2015 كان هناك ما يقرب من 60 ألف شخص في عام 2019، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومع ذلك، بحلول شهر مارس 2021، أرسلت اليونان حوالي 2740 مهاجرا فقط إلى تركيا، حيث يعيش حوالي 4 مليون لاجئ سوري.
عصر دبلوماسي جليدي
وتأتي هذه المفاوضات في جدير بالذكر أن الخلافات بين أنقرة وبروكسل كانت واضحة في العديد من الأمور، مثل نزاع الغاز في
شرق البحر المتوسط والهجوم العسكري التركي في شمال سوريا، الذي تصنفه العديد من دول الاتحاد الأوروبي على أنه غير
قانوني بموجب القانون الدولي، فضلا عن التدخل التركي في الحرب الأهلية الليبية.
ووفقا لخبير الهجرة ماتياس لوك من مؤسسة مركاتور، فإن “سياسة تركيا تتعارض بشكل متزايد مع قيم الاتحاد الأوروبي، لذا
كان التعاون الوثيق مستحيلا”. ومع ذلك، فإنه يوصي بروكسل بدفع أموال إضافية لتركيا، مشيرا إلى أنه من غير المتوقع عودة
اللاجئين السوريين إلى وطنهم في المستقبل القريب.
وكانت قد أبدت الحكومتان في أثينا ونيقوسيا قلقهما من التهديد المتمثل في ظهور أنقرة في نزاع الغاز، ما أدى إلى إعاقة المفاوضات في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، لعب أسلوب الرئيس التركي في الحوار مع قادة الدول دورا كبيرا في التأثير السلبي على المسار السياسي والدبلوماسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
نغمة تصالحية من تركيا وانتقادات من منظمات إغاثة
صرحت أنقرة في العديد من المرات عن رغبتها في تحسين علاقتها مع بروكسل منذ نهاية عام 2020. وقال الرئيس أردوغان
مؤخرا: “نريد فتح صفحة جديدة في علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي”.
ويتزامن تصريح الرئيس التركي مع بحث حكومته في سبل لحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وإيجاد طرق لاستمرار
دعم الاتحاد الأوروبي لها، وتغيير الإدارة الأمريكية مع سقوط ترامب وانتصار بايدن.
وفي الذكرى الخامسة للاتفاق، وجهت ثماني منظمات إغاثة انتقادات لهذا الاتفاق في خطاب مفتوح أعلنت عنه يوم الخميس
18 مارس 2021، دعت فيه إلى ضرورة إجراء تغيير جذري في سياسة الاتحاد الأوروبي للاجئين باعتبارها تهدف إلى الحد من
الهجرة عبر تركيا إلى اليونان.
وانتقدت منظمة “أوكسفام” عواقب الاتفاقية على الظروف المعيشية الكارثية في مراكز الاستقبال وإجراءات اللجوء البطيئة.
وقال رفائيل شيلهاف من المنظمة إن “الاتحاد الأوروبي مسؤول عن هذه الأزمة الإنسانية المأساوية”.
ويرى الخبير السياسي ماكسيميليان بيشل أن “المعسكرات المكتظة في الجرز اليونانية هي نتيجة لسياسة الهجرة التي نقلت
لها المسؤولية منذ 30 عاما”.