لم يخلو أي حديث عن روائع قصص الحب من ذكر قصة حب روميو وجولييت الشهيرة. و كيف أحبا بعضهما بقوة رغم عداء العائلتين الشديد. ذلك العداء الذي توجه قتل روميو لابن عم جولييت، بعد قتل الأخير لصديق روميو الحميم.
نظرة كاشفة
هل كان روميو، ذلك الشاب المغازل لكل عيون مرت عليه، حقا يعرف ما هو الحب؟ و هل كانت جولييت ذات الثلاثة عشرة ربيعا مستعدة حقا للحب؟ و ماذا عن المربية التي انجرفت مع الحبيبين ، و أشرفت على زواجهما بنفسها مع الكاهن، هل كانت حقا عاقلة بما يكفي، لتجاري ابنة مخدوميها في رغبتها بذلك الشاب؟ أم كان تورطها غراميا ،مع صديق روميوا دافعا للاستمرار؟
الطريقة الشكسبيرية
شكسبير كعادته، يحب أن يضع آراءه على لسان أبطاله ، كم يحب أيضا أن يبني علاقة مع المتفرج يخفيها عن أبطاله، فيعرف المتفرج أمورا من الراوي يجهلها الأبطال أنفسهم. و هو من الكتاب المسرحيين الذين كثرت حولهم الاتهامات بتملق السلطة ، و التي ظهرت كثيرا في كتاباته عن الملوك خصوصا في مسرحية ماكبيث. شكسبير هنا وجد حلا اجتماعيا يرضي الجمهور المتدين، و Stهو أنه قام بتزويج روميو و جولييت ليكونا زوجين أمام الرب ، و إن كان ذلك لم يتم بعلم والدي جولييت.
مشاعر مضطربة
يهيم روميو بجولييت و المشاعر الغريبة التي كانت تربطه بها. و التي اختلفت كثيرا عن كل ما مر به مع الفتيات من قبلها. لكن زهوة الحميمية لا تلبث طويلا ،و يفوقها قوة معايير أخرى في حياة الفتى. تلك المعايير الرجولية التي لم تصمد أمام تحديات ابن عم جولييت، الذي لم يرقه أبدا اقتراب روميو من ابنة عمه، و قد وصل التحدي ذروته، عندما قتل تيبالت صديق روميو ميركوشيو أثناء المبارزة.
حب وعنف
لم يجد روميو حيلة لتفادي غضبه العارم فقتل تيبالت و تعرض للنفي من البلاد. يقولون أن الحب يأتي بالسلام و يرقي المشاعر فتعلو عن الغضب و حماقته. فأين ذهب رقي مشاعر الحب من قلب روميو هنا؟
تعلق وتهور
لم يفطن روميو لحقيقة تعلقه الشديد بجولييت ذلك التعلق الذي أودى بحياته لاحقا لدى اكتشافه وفاة جولييت، دون أن يعلم بخطة الكاهن في تزييف وفاتها لييأس منها والديها بموتها، فيأخذها روميو و يرحلا بعيدا.
فقدان الدعم
خطة الكاهن اخفتها جولييت عن مربيتها ، والتي تغيرت فجأة عليها خوفا من بطش والدي جولييت، حتى أنها بدأت تقنعها بالموافقة على الزواج ممن تقدم لخطبتها و نال رضا والديها. هنا أدركت جوليت أنها فقدت السند، و أن المربية لا يجب أن تعلم أي شيء عن خطة الكاهن في تزييف وفاتها و تهريبها.
نهاية حتمية
في اليوم المحدد، تناولت جولييت الدواء المتفق عليه، و بدأت تظهر عليها أعراض الموت، مما جعل ذويها يقومون بدفنها. لم يصل الخبر بالخطة لروميو مع الرسول الذي لم يلتقيه، ليصل إلى المدينة و يعلم بوفاة جولييت فيقتل نفسه بجوارها، بعد أن يهلكه التعلق بها، إذ يتوهم أنه لن يتمكن من الحياة بدونها.
تفيق جولييت و تراه قتيلا بجوارها، فتقتل نفسها لنفس الوهم باستحالة الحياة دون روميو. و تضيع حياة شابين ظنا أنهما عرفا الحب. فهل يقوى من عرف الحب، على إزهاق روح إنسان غضبا ، ثم إزهاق روحه هو شخصيا؟ و لا يلوح في الصورة إلا الأنانية و الغضب و الانتقام و الخوف. فهل يصح لتلك المشاعر أن تصحب الحب؟